كانت تعيش في جهل وظلام وكان العالم الإسلامي مع ما وصل إليه من ضعف سياسي واجتماعي على أثارة من علم لا عهد لأوروبا به، فأخذت هذه العلوم وطوعتها لصالحها ونمتها وفتحت بها لنفسها آفاقا جديدة أعطت ثمارها فيما بعد مما نشاهده في الحضارة الغربية اليوم، ولكنه كان أخذا غير رشيد إذ أخذت الجانب المادي التجريبي وأهملت الجانب الروحي والأخلاقي السلوكي مما جعلها حضارة عرجاء مع ما لديها من إنجاز ضخم.
أما العالم الإسلامي فكان نصيبه من هذا الاحتكاك أخذ بعض المظاهر الحياتية والعادات السيئة والأفكار المنحرفة من الحملات الصليبية وإذا كانت الأمة المسلمة قد استعادت بيت المقدس بعد مضي ما يقارب ثلاثة أجيال من احتلاله من الصليبين فإنها لم تستطع أن تستعيد سيرتها الأولى في ظل الحياة الإسلامية الكاملة، بل تعرف فيها وتنكر إذ تتنازعها الأهواء وتتقاسمها المطامع ويمزقها الاختلاف حتى صارت أحزابا وشيعا من داخلها.
ثم جاءت موجة المغول من الشرق بكل ما تحمله من حقد وهمجية وشراسة ووحشية وفتك بالعالم الإسلامي لكل المظاهر الحضارية القائمة فيه فهبوا هبوب الريح على العالم الإسلامي قتلا وفتكا وتدميرا حتى سقطت عاصمة الخلافة الإسلامية في بغداد على يد هولاكو التتري عام 656هـ ودمر مركز الحضارة الإسلامية شر تدمير إذ كان القتل والفتك يفوق كل تصور، بل إنهم أحرقوا الكتب ورموا بالمخطوطات والمؤلفات في مختلف العلوم والمعارف في نهر دجلة حتى غير مداد الكتب والمخطوطات ماء النهر على سعته وكثرة مياهه.
والمصادر التاريخية تتحدث عن هذه الهمجية الشرسة والموجة المغولية المدمرة فتقول: "وكان الشرق الإسلامي مازال يشقى وتتوالى عليه فجائع المغول وأهوالهم وأمامنا الآن آخر داهية من دواهيهم وهي زحف تيمورلنك في أوائل القرن الخامس عشر الميلادي. ففي هذا العهد كان المغول الأول الغربيون قد صاروا مسلمين غير أن الإسلام لم يذهب بالكثير من وحشيتهم وبربريتهم واقتفي تيمورلنك آثار جنكيز