وقد ركز الإمام في دعوته على استثمار العقل في معرفة النصوص الشرعية ودلالاتها ومراد الله منها في خلقه بوسائل مختلفة في المشافهة والتدريس وفي الدروس والمواعظ وفي مقابلته للوفود فأحدث حركة فكرية عظيمة في نجد ذات أصول شرعية ثابتة.

فأثمرت هذه الوسيلة التربوية في إعداد جيل من الدعاة والعلماء والوعاظ فنهجوا منهجه واقتفوا أثره فكان لهم أثرهم البالغ في استكمال مقومات الثورة الفكرية الدينية الأصيلة في نجد شملت الخاصة والعامة وأثمرت في التمكين للشرع والتحرير للعقل والتوحيد للفكر فأتت أكلها طيبا بأذن ربها.

* التربية بتجلية بعض المفاهيم الإسلامية:

بمرور الزمن والبعد عن عهد النبوية ومضي القرون المفضلة وفشو الجهل في الناس وجمود الفقهاء والعلماء وانحسار كثير من مد الإسلام، أخذت بعض المفاهيم الإسلامية على غير وجهها أو على نقص كبير من دلالتها. ولهذا فإن مفهوم الناس لمعنى الإسلام أنه من شهد أن لا إله إلا الله وأن محمدا رسول الله ولو لم يعمل بمقتضاهما كان مسلما وأن الإحسان هو المواساة وحسن الأدب وغير ذلك كثير.

ولهذا فإن من الأوجه التربوية التي اتخذها الإمام في تربية أتباعه تجلية هذه المفاهيم وبيان دلالتها وما تضمنته على وجه التحديد وما يناقضها.

فعرف الإسلام بأنه الاستسلام لله بالطاعة والخلوص من الشرك وأهله وأن المسلم لا يكون مسلما إلا إذا كانت نفسه منقادة لله ظاهرا وباطنا في عقيدته وعبادته وشريعته وآداب تعامله وفي مختلف شئون حياته.

وأن الإحسان هو أن تعبد الله كأنك تراه فإن لم تكن تراه فإنه يراك وهذا نوع من الصفاء والخصوصية والشفافية التي لا تأتي إلا بعد ارتفاع المسلم بنفسه عن كثير من أوضار المادة وجواذب الأرض وصغائر الذنوب. ولهذا عني رحمه الله بتجلية معان كثيرة من المفاهيم الإسلامية الأساسية مثل:

طور بواسطة نورين ميديا © 2015