وهكذا.. مَن جَهِل لسان العرب، وجهل القرآن، وجهل السنة، أتى بمثل هذه العجائب.
هذا مع يحيط بهم من غرور واستعلاء، تولَّد من نفخ بعضهم في بعض.
أفمثل هذا الفريق الفاشل يجوز أن تنصب له منابر الصحافة، ويوجه الفكر في الأمة؟ ألا إن هذا مما يملأ النفس ألماً وحزناً وأسفاً على أمة يكون أمثال هؤلاء كتبة فيها، وهذه كتابتهم.
عارٌ والله أن يصبح توجه الأخلاق في هذا العصر بأقلام هذه الفئة المضَلِّلة المسَيَّرة، التي خالفت جماعة المسلمين، وفارقت سبيلهم، واشتغلت بتطميس الحق، ونصرة الهوى، عليهم من الله ما يستحقون، وحسابهم عند ربهم، ونحذرهم سطوة الله وغضبه ومقته، ولن يغلب الله غالب، ونتلو عليهم قول الله تعالى: {واعلموا أن الله يعلم ما في أنفسكم فاحذروه} [البقرة: 235] ، وقول الله تعالى: {ولا تقولوا لما تصف ألسنتكم الكذب هذا حلالٌ وهذا حرامٌ لتفتروا على الله الكذب إن الذين يفترون على الله الكذب لا يفلحون. متاع قليل
ولهم عذاب أليم} [النحل: 116-117] .
وهؤلاء الصَّخَّابون في أعمدة الصحف على مسامع الملأ يبغضهم الله، ويمقتهم سبحانه، كما ثبت من حديث أبي هريرة - رضي الله عنه - قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: ((إن الله يبغض كلَّ جَعْظَريٍّ جوَّاظ -أي: مختال متعاظم- سَخَّابٍ بالأسواق، جِيفة بالليل حِمَار بالنهار، عالمٍ بأمر الدنيا، جاهل بأمر الآخرة)) رواه ابن حبان في صحيحه.
قال الشيخ العلامة المحدث أحمد بن محمد شاكر المتوفى سنة 1377هـ رحمه الله تعالى في تعليقه على صحيح ابن حبان [1/230] : ((وهذا
الوصف النبوي الرائع، الذي سما بتصويره إلى القمة في البلاغة والإبداع، لهؤلاء الفئام من الناس -أستغفر الله، بل من الحيوان- تجده كل يوم في كثير ممن ترى حولك، ممن ينتسبون إلى الإسلام، بل تراه في كثير