هذا الاختلاف في الخلقة: الاختلاف بينهما في القوى، والقُدرات الجسدية، والعقلية، والفكرية، والعاطفية، والإرادية، وفي العمل والأداء، والكفاية في ذلك، إضافة إلى ما توصل إليه علماء الطب الحديث من عجائب الآثار من تفاوت الخلق بين الجنسين.
وهذان النوعان من الاختلاف أنيطت بهما جملة كبيرة من أحكام التشريع، فقد أوجبا - ببالغ حكمة الله العليم الخبير - الاختلاف
والتفاوت والتفاضل بين الرجل والمرأة في بعض أحكام التشريع، في المهمات والوظائف التي تُلائم كلَّ واحد منهما في خِلقته وتكوينه، وفي قدراته وأدائه، واختصاص كل منهما في مجاله من الحياة الإنسانية، لتتكامل الحياة، وليقوم كل منهما بمهمته فيها.
فخصَّ سبحانه الرجال ببعض الأحكام، التي تلائم خلقتهم وتكوينهم، وتركيب بنيتهم، وخصائص تركيبها، وأهليتهم، وكفايتهم في الأداء، وصبرهم وَجَلدهم ورزانتهم، وجملة وظيفتهم خارج البيت، والسعي والإنفاق على من في البيت.
وخص سبحانه النساء ببعض الأحكام التي تلائم خلقتهن وتكوينهن، وتركيب بنيتهن، وخصائصهن، وأهليتهن، وأداءهن، وضعف تحملهن، وجملة وظيفتهن ومهمتهن في البيت، والقيام بشؤون البيت، وتربية من فيه من جيل الأمة المقبل.
وذكر الله عن امرأة قولها: {وليس الذكر كالأنثى} [آل عمران: 36] ، وسبحانه من له الخلق والأمر والحكم والتشريع: {ألا له الخلق والأمر تبارك الله رب العالمين} [الأعراف: 54] .
فتلك إرادة الله الكونية القدرية في الخلق والتكوين والمواهب، وهذه إرادة الله الدينية الشرعية في الأمر والحكم
والتشريع، فالتقت الإرادتان على مصالح العباد وعمارة الكون، وانتظام حياة الفرد والبيت والجماعة والمجتمع الإنساني.