ولم يبق أحد يعرفها على وجه الأرض فافترى ماشاء له الخيال أن يفتري. ولم يدر أن قرىً كثيرة في شمال العراق لا تزال تتكلم بالسريانية, وقرى أخرى هناك تتكلم بالآشورية التي أختها الشقيقة, وما أحسن ما قال الشاعر:

في مثل هذا المفتري يحق إنشاده:

يا لك من قبرة بمعمر ... خلا لك الجو فبيضي واصفري

ونقري ما شئت أن تنقري ... قد ذهب الصياد عنك فابشري

لا بدّ من أخذك يوما فاحذري

وقد رأيت في خزانة الكتب ببرلين مجلدين ضخمين يشتملان على أسماء الكتب السريانية المخطوطة الموجودة في هذه الدار وحدها فما بالك بخزائن الكتب التي توجد عند السريانيين في الشام والعراق وقد زرت مدرستهم في الموصل، والتدريس فيها باللغة السريانية وهي مؤسسة لتخريج القسيسين، ولما قال لي مدير المدرسة وهو قسيس: اسأل التلاميذ عمّا تريد. فقلت لا أريد أن أخجلهم. فقال: لا بل اسألهم. فأشرت إلى تلميذ عمره خمس عشرة سنة تقريبا يلبس لباس الرهبان كسائر التلاميذ وقلت له تستطيع أن تترجم أبياتا عربية بالسريانية فقال نعم. فقلت له ترجم الأبيات التالية:

تعلم فليس المرء يولد عالما ... وليس أخ علم كمن هو جاهل

وإن كبير القوم لا علم عنده ... صغير إذا التفت عليه المحافل

وإن صغير القوم والعلم عنده ... كبيرا إذا ردت إليه المسائل

فترجمها شعرا بالسريانية أحسن ترجمة.

ثم قال: ومنها (شهر) ذكر الجواليقي أن بعض أهل اللغة ذكر أنه سرياني فقال رضي الله عنه ليس بسرياني والشهر في لغة السريانيين اسم للماء, قلت ومن عرف تفسير حروفه لم يشك في ذلك، قال محمد تقي الدين وهذا أيضا افتراء, فإن الشهر موجود في السريانية بلفظ (سهرا) ومعناه الهلال والقمر. أما الماء الذي زعم أنه في السريانية شهر فقد كذب فالماء في السريانية ماي وجمعه مايي

طور بواسطة نورين ميديا © 2015