كعمر - رضي الله عنه - قوله اشتد برسول الله - صلى الله عليه وسلم - وجعه زاد في الجهاد يوم الخميس وهذا يؤيد أن ابتداء مرضه كان قبل ذلك " (?).
قلت: هكذا جاء في بعض الروايات أنّ ابن عباس - رضي الله عنه - كان يقول حينما يذكر هذا الحديث:"الرزية كل الرزية ما حال بين رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وبين أن يكتب لهم ذلك الكتاب".والتي راح بعض المبتدعة يتشبثون بها افتراء أنّ ابن عباس قصد بها عمر - رضي الله عنه - ويجاب عليهم:
أنّ النص واضح كون ابن عباس بين سبب ترك النبي - صلى الله عليه وسلم - للكتابة وهو اختلاف بعض الصحابة، فقال عبيد الله فكان يقول ابن عباس: إنّ الرزية كل الرزية ما حال بين رسول الله - رضي الله عنه - وبين أن يكتب لهم ذلك الكتاب (لاختلافهم ولغطهم)،فالسبب إذن: اللغط والاختلاف في الأمر، فأين ذكر عمر - رضي الله عنه - فيه؟
ووجه ابن تيمية رحمه الله الأمر توجيهاً رائعاً إذ قال:" وقول ابن عباس - رضي الله عنه - إن الرزية كل الرزية ما حال بين رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وبين أنْ يكتب الكتاب يقتضي أن هذا الحائل كان رزية وهو رزية في حق من شك في خلافة الصديق أو اشتبه عليه الأمر فإنه لو كان هناك كتاب لزال هذا الشك فأما من علم أن خلافته حق فلا رزية في حقه" (?).
فإنه لو خيرا لما تركه رسول الله - صلى الله عليه وسلم -،وإن كانت الوصية واجبة فلا يجوز للنبي - صلى الله عليه وسلم - أن يترك واجباً.
فالنبي - صلى الله عليه وسلم - أحرص الأنبياء على أمته بل وعلى جميع الناس، كما جاء في أحاديث الشفاعة العظمى والمقام المحمود، ولم يغمض عينيه إلا بعد أن بلغ رسالة ربه عز وجل، قال تعالى: {الْيَوْمَ أَكْمَلْتُ لَكُمْ دِينَكُمْ وَأَتْمَمْتُ عَلَيْكُمْ نِعْمَتِي وَرَضِيتُ لَكُمُ الإِسْلاَمَ دِيناً فَمَنِ اضْطُرَّ فِي مَخْمَصَةٍ غَيْرَ مُتَجَانِفٍ لِّإِثْمٍ فَإِنَّ اللهَ غَفُورٌ رَّحِيمٌ} المائدة3.
فالنبي - صلى الله عليه وسلم - شهيد على أمته، وأمته شهيدة على الناس، كما قال تعالى: {وَكَذَلِكَ جَعَلْنَاكُمْ أُمَّةً وَسَطاً لِّتَكُونُواْ شُهَدَاء عَلَى النَّاسِ وَيَكُونَ الرَّسُولُ عَلَيْكُمْ شَهِيداً وَمَا جَعَلْنَا الْقِبْلَةَ الَّتِي كُنتَ عَلَيْهَا إِلاَّ لِنَعْلَمَ مَن يَتَّبِعُ الرَّسُولَ مِمَّن يَنقَلِبُ عَلَى عَقِبَيْهِ وَإِن كَانَتْ لَكَبِيرَةً إِلاَّ عَلَى الَّذِينَ هَدَى اللهُ وَمَا كَانَ اللهُ لِيُضِيعَ إِيمَانَكُمْ إِنَّ اللهَ بِالنَّاسِ لَرَؤُوفٌ رَّحِيمٌ} البقرة143.
وأخرج البخاري بسنده عن أبي سعيد الخدري - رضي الله عنه - قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -:"يدعى نوح يوم القيامة فيقول لبيك وسعديك يا رب فيقول هل بلغت فيقول نعم فيقال لأمته هل بلغكم فيقولون ما أتانا من نذير