المطلب الثالث قول عمر - رضي الله عنه - حسبكم كتاب الله

ولا أدري عدم معرفة الرجل لولديه في ساعة الموت ما يسمى؟ وهي وهذه الرواية -المنكرة - لو سلمنا لهم بصحتها أليس فيها عذر لمن قال من الصحابة: أهجر؟ ولا أدري لماذا هم مفتونون بتتبع المتشابهات عند غيرهم ولا يبصرون الأوابد والطامات في كتبكم؟،وأين الإنصاف والموضوعية في البحث والجدال.

المطلب الثالث

قول عمر - رضي الله عنه - حسبكم كتاب الله

وأما ما ادعوه من اعتراض عمر على رسول الله - صلى الله عليه وسلم - بقوله: (عندكم كتاب الله، حسبنا كتاب الله) وأنه لم يمتثل أمر الرسول - صلى الله عليه وسلم - فيما أراد من كتابة الكتاب، فالرد عليه: أنه ليس في قول عمر هذا الاحتمال، أي اعتراض على رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وعدم امتثال أمره كما قد يتوهم، ويرد عليهم:

1 - أنّ قول عمر - رضي الله عنه -: (حسبنا كتاب الله) حسم للخلاف الذي وقع بين الحاضرين لا على أمر النبي - صلى الله عليه وسلم -، وهذا ظاهر من قوله: (عندكم كتاب الله) فإن المخاطب جمع وهم المخالفون لعمر - رضي الله عنه - في رأيه. وإلا فعمر - رضي الله عنه - هو من اشد الناس إتباعاً للنبي - صلى الله عليه وسلم -.

ثم لو ادعى مدعٍ أنّ عليَّ بن أبي طالب - رضي الله عنه - كان ممن قال بقول عمر - رضي الله عنه - أو ممن خالفه لما وجد إلى ذلك سبيلاً فاحتمال الأمرين جائز.

2 - أنّه ظهر لعمر - رضي الله عنه - ومن كان على رأيه من الصحابة، أن أمر الرسول - صلى الله عليه وسلم - بكتابة الكتاب ليس على الوجوب، وأنه من باب الإرشاد إلى الأصلح، وقد نبه على هذا القاضي عياض (?)، والقرطبي (?)، والنووي (?)، وابن حجر (?).

ثم إنه قد ثبت بعد هذا صحة اجتهاد عمر - صلى الله عليه وسلم - وذلك بترك الرسول - صلى الله عليه وسلم - كتابة الكتاب، ولو كان واجباً لم يتركه لاختلافهم، لأنه لن يترك التبليغ لمخالفة من خالف، ولهذا عد هذا من موافقات عمر - رضي الله عنه -.

قال القرطبي في سبب اختلافهم:"وسبب ذلك أن ذلك كله إنما حمل عليه الاجتهاد المسوغ، والقصد الصالح، وكل مجتهد مصيب، أو أحدهما مصيب، والآخر غير مأثوم بل مأجور كما قررناه في الأصول " (?).

طور بواسطة نورين ميديا © 2015