القلوب، ولا تثبت عليه العقول ... إلى أن قال: وإن تركتموني فأنا كأحدكم، ولعلي أسمعكم وأطوعكم لمن وليتموه أمركم، وأنا لكم وزير خير لكم مني أمير " (?).

فكيف يرفض تكليفاً شرعياً، ومستحقاً له منع منه لعقود من الزمن؟ ثم ما حكمه من الناحية الشرعية؟ هل سيجر حكمهم في علي - رضي الله عنه - كما قالوا في الصحابة؟

ونقل عن علي - رضي الله عنه - أيضاً في نهج البلاغة مخاطباً طلحة والزبير:" والله ما كانت لي في الخلافة رغبة، ولا في الولاية إربة، ولكنكم دعوتموني إليها وحملتموني عليها " (?).

فتأمل في قوله (رغبة) وقوله (دعوتموني .. حملتموني) فأين هي الوصية؟

وأورد الطبري في تاريخه أنّ علياً ارتقى في يوم الجمعة أعواد منبر رسول الله - صلى الله عليه وسلم - في أول خطبة له، وقال: "أيها الناس -عن ملأٍ واُذُنٍ -إنّ هذا أمركم، ليس لأحد حق إلا أن أمرتم. وقد افترقنا في الأمس على أمر -أي على البيعة له -فإن شئتم قعدت لكم، وإلا فلا أجد على أحد" (?).

فعلي - رضي الله عنه - " يعلن على رؤوس الأشهاد في مسجد رسول الله - صلى الله عليه وسلم -،وعلى منبره وبعد البيعة له أنه لا يستمد الخلافة من حق يدعيه ولا من شيء سبق، بل يستمدها من البيعة إذا ارتضها الأمة، وإلا فإنه - كإخوانه الثلاثة الذين سبقوه - أرفع من أن يجعلها أكبر همه وغرض نفسه. هذا هو الذي وقع، وهذه الحقائق صدرت من فم علي بن أبي طالب نفسه، ومن سنة 35هـ إلى اليوم الذي تحاور فيه الإمام زيد بن علي بن الحسين مع شيطان الطاق لم يخطر على بال أحد من آل البيت، لا علي، ولا الحسن، ولا الحسين، ولا علي بن الحسين، ولا محمد بن الباقر، ولا غيرهم - أن هناك إمامة لآل البيت كما اخترعها شيطان الطاق فأساء بذلك إلى الإسلام وإلى آل البيت، وإلى أمة محمد جميعاً، فالله حسبه " (?).

وأتساءل هنا: ما الحكم -عندهم- فيمن أنكر هذه الوصية وخالفها؟

قال الصدوق (ابن بابويه القمي):" اعتقادنا فيمن جحد إمامة أمير المؤمنين علي بن أبي طالب والأئمة من بعده أنه كمن جحد جميع الأنبياء، واعتقادنا فيمن أقر بأمير المؤمنين وأنكر واحدا من بعده من الأئمة إنه بمنزلة من أقر بجميع الأنبياء، ثم أنكر نبوة محمد - صلى الله عليه وسلم - " (?).

طور بواسطة نورين ميديا © 2015