3- أَخْبَرَنَا حَبِيبُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ، أَنْبَأَ مَحْمُودُ بْنُ إِسْمَاعِيلَ، أَنْبَأَ أَحْمَدُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ الْحُسَيْنِ، ثنا سُلَيْمَانُ بْنُ أَحْمَدَ بْنِ أَيَّوبَ الطَّبَرَانِيُّ، ثنا عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ سَلْمٍ الرَّازِيُّ، ثنا سَهْلُ بْنُ عُثْمَانَ -، ثنا أَبُو أُسَامَةَ، ثنا هِشَامُ بْنُ عُرْوَةَ، حَدَّثَنِي أَبِي -، عَنْ عَائِشَةَ، قَالَتْ:

-[27]- لَمَّا ذُكِرَ مِنْ شَأْنِي الَّذِي ذُكِرَ، وَمَا عَلِمْتُ [بِهِ] ، قَامَ فِيَّ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ خَطِيبًا، فَتَشَهَّدَ، فَحَمَدَ اللَّهَ، وَأَثْنَى عَلَيْهِ بِمَا هُوَ أَهْلُهُ، ثُمَّ قَالَ: أَمَّا بَعْدُ، " أَشِيرُوا عَلَيَّ فِي أُنَاسٍ أَبَنُوا أَهْلِي، وَاللَّهِ مَا عَلِمْتُ عَلَى أَهْلِ بَيْتِي مِنْ سُوءٍ قَطْ، وَأَبَنُوهُمْ، بِمَنْ وَاللَّهِ مَا عَلِمْتُ [عَلَيْهِ] مِنْ سُوءٍ قَطْ، وَلا دَخَلَ بَيْتِي، إِلا وَأَنَا حَاضِرٌ، وَلا غِبْتُ فِي سَفَرٍ إِلا غَابَ مَعِي ".

فَقَامَ سَعْدُ بْنُ مُعَاذٍ، فَقَالَ: تَرَى يَا رَسُولَ اللَّهِ أَنْ تَضْرِبَ أَعْنَاقَهُمْ؟ فَقَامَ رَجُلٌ مِنَ بالْخَزْرَجِ، وَكَانَتْ أَمُّ حَسَّانِ بْنِ ثَابِتٍ مِنْ رَهْطِ ذَلِكَ الرَّجُلِ، فَقَالَ: كَذِبْتَ، أَمَا وَاللَّهِ أَنْ لَوْ كَانُوا مِنَ الأَوْسِ مَا أَحْبَبْتَ أَنْ تَضْرِبَ أَعْنَاقَهُمْ، حَتَّى كَادَ أَنْ يَكُونَ بَيْنَ الأَوْسِ، وَالْخَزْرَجِ فِي الْمَسْجِدِ شَرٌّ، وَمَا عَلِمْتُ بِهِ.

فَلَمَّا كَانَ مَسَاءُ ذَلِكَ الْيَوْمِ خَرَجْتُ لِبَعْضِ حَاجَتِي، وَمَعِي أُمُّ مِسْطَحٍ، فَعَثُرَتْ، فَقَالَتْ: تَعِسَ مِسْطَحٌ، فَانْتَهَرْتُهَا، فَقُلْتُ: أَتَسُبِّينَ ابْنَكِ؟ فَقَالَتْ: وَاللَّهِ مَا أَسُبُّهُ إِلا فِيكِ، فَقُلْتُ: فِيَّ أَيْ شَأْنِي؟، قَالَتْ: فَبَقَرَتِ الْحَدِيثَ، فَقُلْتُ: وَقَدْ كَانَ هَذَا؟ فَقَالَتْ: نَعَمْ وَاللَّهِ.

فَرَجَعْتُ إِلَى بَيْتِي، لَكَأَنَّ الَّذِي خَرَجْتُ لَهُ لَمْ أَخْرُجْ لَهُ، ولا أَجِدُ مِنْهُ قَلِيلا، وَلا كَثِيرًا، وَوُعِكْتُ، فَقُلْتُ لِرَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: أَرْسِلْنِي إِلَى بَيْتِ أَبِي، فَأَرْسَلَ مَعِيَ الْغُلامَ، فَدَخَلْتُ الدَّارَ فَوَجَدْتُ أُمَّ رُمَانٍ فِي السُّفْلِ، وَأَبُو بَكْرٍ فَوْقَ الْبَيْتِ يَقْرَأُ، فَقَالَتْ أُمِّي: مَا جَاءَ بِكِ يَا بُنَيَّةُ؟ فَأَخْبَرْتُهَا، وَذَكَرْتُ لَهَا الْحَدِيثَ، وَإِذَا هِيَ لَمْ يَبْلُغْ مِنْهَا مَا بَلَغَ مِنِّي، فَقَالَتْ: أَيْ بُنَيَّةُ خَفِّضِي عَلَيْكِ الشَّأْنَ، فَإِنَّهُ وَاللَّهِ لَقَلَّمَا كَانَتِ امْرَأَةٌ حَسْنَاءُ عِنْدَ رَجُلِهَا، وَلَهَا ضَرَائِرٌ، إِلا حَسَدْنَهَا، وَقِيلَ فِيهَا، قُلْتُ: وَقَدْ عَلِمَ بِهِ أَبِي؟ قَالَتْ: نَعَمْ، قُلْتُ: وَرَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ؟ قَالَتْ: نَعَمْ.

قَالَتْ: فَاسْتَعْبَرْتُ فَبَكَيْتُ، فَسَمِعَ أَبُو بَكْرٍ صَوْتِي، وَهُوَ فَوْقَ الْبَيْتِ يَقْرَأُ، فَنَزَلَ، فَقَالَ لأُمِّي: مَا شَأْنُهَا؟ فَقَالَتْ: بَلَغَهَا الَّذِي ذُكِرَ مِنْ شَأْنِهَا، فَفَاضَتْ عَيْنَاهُ، -[28]- فَقَالَ: أَقْسَمْتُ عَلَيْكِ يَا بُنَيَّةُ إِلا رَجَعْتِ إِلَى بَيْتِكِ، فَرَجَعْتُ.

قَالَتْ: فَلَقَدْ جَاءَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بَيْتِي، فَسَأَلَ عَنِّي خَادِمي، فَقَالَتْ: وَاللَّهِ مَا عَلِمْتُ عَلَيْهَا عَيْبًا إِلا أَنَّهَا تَرْقُدُ حَتَّى تَدْخُلَ الشَّاةُ فَتَأْكُلَ خَمِيرَهَا وعَجِينَهَا.

قَالَتْ: فَانْتَهَرَهَا بَعْضُ أَصْحَابِهِ، فَقَالَ: اصْدُقِي رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَقَالَتْ: سُبْحَانَ اللَّهَ، مَا عَلِمْتُ عَلَيْهَا إِلا مَا يَعْلَمُ الصَّائِغُ مِنَ الذَّهَبِ الأَحْمَرِ.

فَبَلَغَ الأَمْرُ ذَلِكَ الرَّجُلَ الَّذِي كَانَ قِيلَ لَهُ فِيهَا، فَقَالَ: سُبْحَانَ اللَّهَ! مَا كَشَفْتُ كَنَفَ أُنْثَى قَطْ.

قَالَتْ عَائِشَةُ: فَقُتِلَ شَهِيدًا فِي سَبِيلِ اللَّهِ.

قَالَتْ: وَأَصْبَحَ أَبَوَايَ عِنْدِي، فَلَمْ يَزَالا عِنْدِي حَتَّى دَخَلَ عَلَيَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَقَدْ صَلَّى الْعَصْرَ، وَقَدِ اكْتَنَفَنِي أَبَوَايَ عَنْ يَمِينِي، وَشِمَالِي، فَتَشَهَّدَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَحَمِدَ اللَّهَ، وَأَثْنَى عَلَيْهِ، ثُمَّ قَالَ: أَمَّا بَعْدُ، يَا عَائِشَةُ، " فَإِنْ كُنْتِ قارفتِ سُوءًا أو ظَلَمْتِ فَتُوبِي إِلَى اللَّهِ، فَإِنَّ اللَّهَ هُوَ يَقْبَلُ التَّوْبَةَ عَنْ عِبَادِهِ ".

قَالَتْ: وَقَدْ جَاءَتِ امْرَأَةٌ مِنَ الأَنْصَارِ، وَهِيَ جَالِسَةٌ بِالْبَابِ، فَقُلْتُ: أَلا تَسْتَحْيِي مِنْ هَذِهِ الْمَرْأَةِ أَنْ تَذْكُرَ شَيْئًا؟ فَوَعَظَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ.

فَالْتَفَتُّ إِلَى أَبِي، فَقُلْتُ: أَجِبْهُ، فَقَالَ: أَقُولُ مَاذَا؟ فَالْتَفَتُّ إِلَى أُمِّي، فَقُلْتُ: أَجِيبِيهِ، فَقَالَتْ: أَقُولُ مَاذَا؟.

قَالَتْ: فَلَمَّا لَمْ يُجِيبَاهُ، تَشَهَّدْتُ، فَحَمَدْتُ اللَّهَ، وَأَثْنَيْتُ عَلَيْهِ بِمَا هُوَ أَهْلُهُ ثُمَّ قُلْتُ: أَمَّا بَعْدُ، فَوَاللَّهِ لَئِنْ قُلْتُ لَكُمْ: إِنِّي لَمْ أَفْعَلْ، وَاللَّهُ يَشْهَدُ إِنِّي لَصَادِقَةٌ، مَا ذَاكَ بِنَافِعِي عِنْدَكُمْ، لَقَدْ تَكَلَّمْتُمْ بِهِ وأُشْرَبْتُمُوهُ قُلُوبَكُمْ، وَلَئِنْ قُلْتُ: إِنِّي قَدْ فَعَلْتُ، وَاللَّهُ يَشْهَدُ إِنِّي لَمْ أَفْعَلْ، لَتُقُولُنَّ: قَدْ بَاءَتْ بِهِ عَلَى نَفْسِهَا، وَاللَّهُ يَشْهَدُ إِنِّي لَمْ أَفْعَلْ، وَإِنِّي وَاللَّهِ مَا أَجِدُ لِي وَلَكُمْ مَثَلا، قَالَتْ: فَالْتَمَسْتُ اسْمَ يَعْقُوبَ فَلَمْ أَقْدِرْ عَلَيْهِ، فَقُلْتُ: إِلا أَبَا يُوسُفَ، حِينَ قَالَ: {فَصَبْرٌ جَمِيلٌ وَاللَّهُ الْمُسْتَعَانُ عَلَى مَا تَصِفُونَ} .

-[29]- قَالَتْ: فَأَنْزَلَ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ عَلَى رَسُولِهِ مِنْ سَاعَتِهِ، فَرُفِعَ عَنْهُ، وَإِنِّي لأتَبَيَّنُ السُّرُورَ فِي وَجْهِهِ، وَهُوَ يَمْسَحُ جَبِينَهُ، وَهُوَ يَقُولُ: أَبْشِرِي يَا عَائِشَةُ، " فَقَدْ أَنْزَلَ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ بَرَاءَتَكِ ".

قَالَتْ: فَكُنْتُ أَشَدُّ مَا كُنْتُ غَضَبًا. فَقَالَ لِي أَبَوَايَ: قُومِي إِلَيْهِ، فَقُلْتُ: وَاللَّهِ لا أَقُومُ إِلَيْهِ، وَلا أَحْمَدُهُ، وَلا أَحْمَدُكُمَا، وَلَكِنِّي أَحْمَدُ اللَّهَ الَّذِي أَنْزَلَ بَرَاءَتِي، لَقَدْ سَمِعْتُمُوهُ فَمَا أَنْكَرْتُمُوهُ، وَلَكِنْ أَحْمَدُ اللَّهَ الَّذِي أَنْزَلَ بَرَاءَتِي.

وَأَمَّا زَيْنَبُ بِنْتُ جَحْشٍ، فَعَصِمَهَا اللَّهُ بِدِينِهَا فَلَمْ تَقُلْ إِلا خَيْرًا، وَأَمَّا أُخْتُهَا حمْنَةُ فَهَلَكَتْ فِيمَنْ هَلَكَ، وَكَانَ الَّذِينَ تَكَلَّمُوا بِهِ: مِسْطَحُ بْنُ أَثَاثَةَ، وَحَسَّانُ بْنُ ثَابِتٍ، وَحِمْنَةُ، وَالْمُنَافِقُ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ أُبَيِّ بْنِ سَلَولٍ، وَهُوَ الَّذِي كَانَ يَسْتَوْشِيَهُ وَيَجْمَعُهُمْ، وَهُوَ الَّذِي تَوَلَّى كِبْرَهُ.

فَحَلَفَ أَبُو بَكْرٍ لا يَنْفَعُ مِسْطَحًا أَبَدًا بِنَافِعَةٍ، فَأَنْزَلَ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ: {وَلا يَأْتَلِ أُولُو الْفَضْلِ مِنْكُمْ وَالسَّعَةِ} يَعْنِي: أَبَا بَكْرٍ، {أَنْ يُؤْتُوا أُولِي الْقُرْبَى} يَعْنِي: مِسْطَحًا، {أَلا تُحِبُّونَ أَنْ يَغْفِرَ اللَّهُ لَكُمْ} ، فَقَالَ أَبُو بَكْرٍ: بَلَى وَاللَّهِ يَا رَبِّ، إنَّا لَنُحِبُّ أَنْ تَغْفِرَ لَنَا، فَعَادَ لِمَا كَانَ يَنْفَعُهُ بِهِ.

صَحِيحٌ، رَوَاهُ مُسْلِمٌ، عَنْ أَبِي بَكْرٍ وأبي كريبٍ عَنْ أَبِي أُسَامَةَ.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015