جزيلة، وأخبره أنّه يجد في الكتب القديمة أنّ هذا أوان وجود النّبيّ الأمّيّ العربيّ القرشيّ الهاشميّ، وأنّ صفته كذا وكذا، فأخبره عبد المطّلب أنّ عنده غلاما بتلك الصّفة، فأوصاه به، وحذّره من كيد اليهود والنّصارى. فمات عبد المطّلب في تلك السّنة.
وممّن بشّر به صلى الله عليه وسلم: بحيرا الرّاهب- بفتح الموحّدة وكسر المهملة ممدودا- وذلك أنّ عمّه أبا طالب خرج به إلى (الشّام) في السّنة الثّانية عشرة من ولادته صلى الله عليه وسلم، فلمّا بلغوا (بصرى) من أرض (الشّام) رآه الرّاهب المذكور معهم، فعرفه بصفاته المذكورة عنده في الإنجيل، فأمر أبا طالب أن يردّه، وناشده الله في ذلك خوفا عليه من كيد اليهود والنّصارى، فرجع به، وزوّده الرّاهب شيئا من الكعك والزّبيب.
وروى التّرمذيّ في «جامعه» أنّ نفرا من النّصارى أتوا بحيرا الرّاهب بعد رجوع أبي طالب بالنّبيّ صلى الله عليه وسلم وقالوا: إنّا خرجنا في طلب النّبيّ الأمّيّ، وإنّا وجدنا في كتبنا أنّه يمرّ بطريقك هذه في هذا الشّهر، وإنّا نريد قتله، فذكّرهم الله وقال: (أرأيتم أمرا يريد الله أن يقضيه أيقدر أحد أن يردّه؟ قالوا: لا، وانصرفوا عنه) (?) .
ثمّ بشّر به صلى الله عليه وسلم: نسطور الرّاهب- بمهملات مع فتح النّون- وذلك أنّه صلى الله عليه وسلم خرج في سنة خمس وعشرين من مولده مع ميسرة غلام خديجة رضي الله عنها، في تجارة لها، فلمّا نزل الرّكب بقرب صومعة (?) الرّاهب المذكور، نزل إليهم منها، وكان لا ينزل لأحد، وطاف فيهم حتّى رأى النّبيّ صلى الله عليه وسلم، فعرف فيه علامات