وفيهما-[أي: الصّحيحين]- أنّ رسول الله صلى الله عليه وسلم كانت عنده ركوة فيها ماء، فجعل يدخل يديه فيها، ويمسح بها وجهه، ويقول: «أشهد أن لا إله إلّا الله، إنّ للموت سكرات» ، ثمّ نصب يده، فجعل يقول: «في الرّفيق الأعلى» ، حتّى قبض ومالت يده صلى الله عليه وسلم (?) .
قال العلماء: إنّما لم يزل يكرّرها لأنّ التّخيّير لم يزل يعاد عليه، وهي كلمة تتضمّن حبّ لقاء الله، الّذي هو لباب التّوحيد، وسرّ الذّكر باللّسان والقلب، ومنه يستفاد أنّه لا يشترط في نجاة المحتضر أن يتلفّظ ب (لا إله إلّا الله) ، إذا مات وقلبه مطمئن بالإيمان. والله أعلم.
وفي «صحيح البخاريّ» ، عن ابن عبّاس رضي الله عنهما قال: بعث رسول الله صلى الله عليه وسلم لأربعين سنة، ومكث ب (مكّة) ثلاث عشرة سنة يوحى إليه، ثمّ أمر بالهجرة، فهاجر إلى (المدينة) عشر سنين، ومات وهو ابن ثلاث وستّين سنة (?) .
ولمّا قبضه الله إليه، واختار له ما عنده؛ دهش أصحابه رضي الله عنهم دهشة عظيمة، وطاشت أحلامهم لعظم المصيبة، ولم يكن فيهم أثبت من العبّاس وأبي بكر رضي الله عنهما.
وروى التّرمذيّ/ في «الشّمائل النّبويّة» ، وابن ماجه في «السّنن» عن أنس رضي الله عنه قال: لمّا كان اليوم الّذي دخل فيه النّبيّ صلى الله عليه وسلم (المدينة) أضاء منها كلّ شيء، ولمّا كان اليوم الّذي مات