وكان من حديث (أحد) أنّ قريشا تحاشدوا بعد (بدر) ، واجتهدوا في طلب الثّأر، وخرجوا بظعنهم ومن أطاعهم من الأحابيش- أي: جموع العرب- حتّى نزلوا ب (أحد) ، وكانوا ثلاثة آلاف، منهم مئتا فارس.
فلمّا علم بهم رسول الله صلى الله عليه وسلم استشار أصحابه في الخروج إليهم أو الإقامة، وقال لهم: «إنّي رأيت في منامي كأنّ في سيفي ثلمة، وأنّ بقرا تذبح، وتأوّلتها أنّ نفرا من أصحابي يقتلون، وأنّ رجلا من أهل بيتي يصاب، فإن رأيتم أن تقيموا ب (المدينة) وتدعوهم حيث نزلوا، فإن أقاموا أقاموا بشرّ مقام، وإن دخلوها قاتلناهم فيها» (?) .
فاختلفت آراؤهم في ذلك، حتّى غلب رأي من أحبّ الخروج.
وكان من لم يشهد/ (بدرا) حصل معهم من الأسف على ما فاتهم من الفضيلة.
فدخل صلى الله عليه وسلم فلبس لأمته (?) ، وخرج عليهم فوجدهم قد رجّحوا رأي القعود، فقال: «لا ينبغي لنبيّ إذا لبس لأمته أن يضعها حتّى يقاتل» (?) . فسار بهم، وكانوا نحو الألف، ليس فيهم فرس (?) .
فانخذل عبد الله بن أبيّ ابن سلول، وكان مطاعا بثلث النّاس.
فبقي نحو سبع مئة رجل، فنزل صلى الله عليه وسلم وجعل ظهره إلى (أحد) ، ورتّب أصحابه كما قال الله تعالى: وَإِذْ غَدَوْتَ مِنْ أَهْلِكَ