سادسا: اما استدلالهم بما ورد عن بعض الصحابة والتابعين من ذم الرأي وأهله قال
الشاطبي في الاعتصام بعد ان نقل اثارا كثيرة في ذم الرأي وعدم اتباع الاثار قال (والحاصل من جيمع ما تقدم أن الرأي المذموم ما بني على الجهل واتباع الهوى) وقال ابن قدامة ردا علي ذلك قال (قلنا هذا منهم ذم لمن استعمل الرأي والقياس في غير موضعه أو بدون شرطه فذم عمر رضي الله عنه ينصرف إلى من قال بالرأي من غير معرفة للنص ألا تراه قال أعيتهم الأحاديث أن يحفظوها وإنما يحكم بالرأي في حادثة لا نص فيها فالذم على ترك الترتيب لا على أصل القول بالرأي ولو قدم إنسان القول بالسنة على ما هو أقوى منها كان مذموما وكذلك قول علي رضي الله عنه وكل ذم يتوجه إلى أهل الرأي فلتركهم الحكم بالنص الذي هو أولى كما قال بعض العلماء
أهل الكلام وأهل الرأي قد جهلوا.. علم الحديث الذي ينجو بها الرجل
لو أنهم عرفوا الآثار ما انحرفوا ... عنها إلى غيرها لكنهم جهلوا) انتهي من روضة الناظرالمجلد الثالث 816 حتي 819
فهم ذموا الرأي الصادر عن جهل كقياس من ليس أهلا للاجتهاد أو المفرط في طلب الاحكام من مظانها أو من
يرجع رأيه إلي محض الاستحسان؛ بدليل أن الذين نقل عنهم هذا هم الذين نقل عنهم القول بالرأي والاجتهاد وقد أكثرنا النقل عنهم فيما مضي
قال الحافظ ابن حجر (قَوْلُهُ: بَابُ مَا يُذْكَرُ مِنْ ذَمِّ الرَّأْيِ) أَيِ الْفَتْوَى بِمَا يُؤَدِّي إِلَيْهِ النَّظَرُ وَهُوَ يَصْدُقُ عَلَى مَا يُوَافِقُ النَّصَّ وَعَلَى مَا يُخَالِفُهُ وَالْمَذْمُومُ مِنْهُ مَا يُوجَدُ النَّصُّ بِخِلَافِهِ، وَأَشَارَ بِقَوْلِهِ " مِنْ " إِلَى أَنَّ بَعْضَ الْفَتْوَى بِالرَّأْيِ لَا تُذَمُّ وَهُوَ إِذَا لَمْ يُوجَدِ النَّصُّ مِنْ كِتَابٍ أَوْ سُنَّةٍ أَوْ إِجْمَاعٍ، وَقَوْلُهُ " وَتَكَلُّفُ الْقِيَاسِ " أَيْ إِذَا لَمْ يَجِدِ الْأُمُورَ الثَّلَاثَةَ وَاحْتَاجَ إِلَى الْقِيَاسِ فَلَا يَتَكَلَّفْهُ بَلْ يَسْتَعْمِلْهُ عَلَى أَوْضَاعِهِ وَلَا يَتَعَسَّفْ فِي إِثْبَاتِ الْعِلَّةِ الْجَامِعَةِ الَّتِي هِيَ مِنْ أَرْكَانِ الْقِيَاسِ، بَلْ إِذَا لَمْ تَكُنِ الْعِلَّةُ الْجَامِعَةُ وَاضِحَةً فَلْيَتَمَسَّكْ بِالْبَرَاءَةِ الْأَصْلِيَّةِ، وَيَدْخُلُ فِي تَكَلُّفِ الْقِيَاسِ مَا إِذَا اسْتَعْمَلَهُ عَلَى أَوْضَاعِهِ مَعَ وُجُودِ النَّصِّ، وَمَا إِذَا وَجَدَ النَّصَّ فَخَالَفَهُ وَتَأَوَّلَ لِمُخَالَفَتِهِ شَيْئًا بَعِيدًا وَيَشْتَدُّ الذَّمُّ فِيهِ لِمَنْ يَنْتَصِرُ لِمَنْ يُقَلِّدُهُ مَعَ احْتِمَالِ أَنْ لَا يَكُونَ الْأَوَّلُ اطَّلَعَ عَلَى النَّصِّ.) انتهي من فتح الباري