ثانيا: استدلالهم بقوله تعالي (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا أَطِيعُوا اللَّهَ وَأَطِيعُوا الرَّسُولَ وَأُولِي الْأَمْرِ مِنْكُمْ فَإِنْ تَنَازَعْتُمْ فِي شَيْءٍ فَرُدُّوهُ إِلَى اللَّهِ وَالرَّسُولِ إِنْ كُنْتُمْ تُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآَخِرِ ذَلِكَ خَيْرٌ وَأَحْسَنُ تَأْوِيلًا) (59) فقد قال الشنقيطي في تفسيره أضواء البيان (استدل منكرو القياس بهذه الآية الكريمة....على بطلان القياس قالوا: لأنه تعالى أوجب الرد إلى خصوص الكتاب والسنة دون القياس، وأجاب الجمهور بأنه لا دليل لهم في الآية. لأن إلحاق غير المنصوص بالمنصوص لوجود معنى النص فيه لا يخرج عن الرد إلى الكتاب والسنة) ، بل قال بعضهم: الآية متضمنة لجميع الأدلة الشرعية، فالمراد بإطاعة الله العمل بالكتاب وبإطاعة الرسول العمل بالسنة، وبالرد إليهما القياس. لأن رد المختلف فيه غير المعلوم من النص إلى المنصوص عليه، إنما يكون بالتمثيل والبناء عليه، وليس القياس شيئاً وراء ذلك.) انتهي من اضواء البيان
ثم ان بحثنا معكم في الاية في مسألتين،الاولي في القضية المتنازع فيها , والثانية في كيفية الرد الي الله والرسول, اما المسألة الاولي وهي القضية المتنازع فيها هل ورد حكمها في الشرع أم لا؟ فان كان ورد حكمها في الشرع بدليل صحيح صريح
فقد وجب حينئذ الطاعة والانقياد للدليل وحرم التنازع ,وهذا الاحتمال غير وارد في الاية لانه لا يصح. أما الاحتمال الاخر فهو ان تكون القضية المتنازع فيها لم يرد حكمها في قران ولا سنة ولا اجماع , وهذا هو الاحتمال الصحيح من الاية. أما المسألة الثانية وهي كيفية الرد الي الله ورسوله فاما ان يكون بترك الحكم في القضية فيترتب عليه ضياع الحقوق ,وهذا لا يجوز أصلا وليس من العدل الذي امر الله به ,وإما ان يكون الرد الي الله ورسوله بالاجتهاد لاستخراج الحكم في القضية والقياس فرع من الاجتهاد بل هو عماده وأسه فثبت القول بالقياس واتضح ان الاية حجة لنا لا علينا.