الأمة، وقد أجمعوا على ذلك إجماعا استناده الكتاب الكريم، والسنة النبوية.

وأما الكتاب فقوله جل وعلا في سورة النساء: {أَمْ يَحْسُدُونَ النَّاسَ عَلَى مَا آتَاهُمُ اللَّهُ مِنْ فَضْلِهِ فَقَدْ آتَيْنَا آلَ إِبْرَاهِيمَ الْكِتَابَ وَالْحِكْمَةَ وَآتَيْنَاهُمْ مُلْكاً عَظِيماً} 1

قال الإمام السيوطي: "أخرج الزبير بن بكار في الموفقيات عن ابن عباس رضي الله تعالى عنهما أن معاوية قال: "يا بني هاشم إنكم تريدون أن تستحقوا الخلافة كما استحقيتم2 النبوة ولا يجتمعان لأحد، وتزعمون أن لكم ملكا؟ " فقال له ابن عباس: "أما قولك إنا نستحق الخلافة بالنبوة، فإن لم نستحقها بالنبوة فبم نستحقها؟ وأما قولك أن النبوة والخلافة لا يجتمعان لأحد، فأين قول الله تعالى {فَقَدْ آتَيْنَا آلَ إِبْرَاهِيمَ الْكِتَابَ وَالْحِكْمَةَ وَآتَيْنَاهُمْ مُلْكاً عَظِيماً} فالكتاب النبوة، والحكمة السنة"3 هذا هو الشاهد من إيراد هذه الرواية، وقد يسأل السائل أين إسناد هذه الرواية وإن كانت موقوفة، فأقول له قد بحثت عن هذا الكتاب ببعض البحث حتى أطلع على إسناده فلم أجد له أثرا في الفهارس الموجودة بين أيدينا، وقد ذكره بن النديم في الفهرست وعمر ابن شبة النميري في تاريخ المدينة وهو كتاب عظيم نافع جمعه الإمام الزبير بن بكار الأسدي المدني من شيوخ ابن ماجه رحمه الله تعالى وهو صاحب كتاب جمهرة نسب قريش المطبوع منه الجزء الأول بتحقيق الأستاذ محمود محمد شاكر، ولرواية ابن عباس الموقوفة شاهد قوي من مرسل قتادة ابن دعامة السدوسي، والحسن البصري رحمهما الله تعالى أخرجهما الإمام العلامة أبو جعفر محمد بن جرير الطبري في تفسيره تحت قوله تعالى: {رَبَّنَا وَابْعَثْ فِيهِمْ رَسُولاً مِنْهُمْ يَتْلُو عَلَيْهِمْ آيَاتِكَ وَيُعَلِّمُهُمُ الْكِتَابَ وَالْحِكْمَةَ وَيُزَكِّيهِمْ إِنَّكَ أَنْتَ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ} قال أبو جعفر: "اختلف أهل التأويل في معنى الحكمة التي ذكرها الله تعالى في هذا الموضع، فقال بعضهم: هي السنة"، ثم قال: "وذكر من قال ذلك" ثم ساق إسناده بقوله: "حدثنا بشر بن معاذ، قال حدثنا يزيد، قال: حدثنا سعيد عن قتادة: الحكمة: أي السنة"4 قلت: لا يخفى على من له علم بأسماء الرجال أن هذا الإسناد هو من أصح الأسانيد المروية إلى قتادة بن دعامة السدوسي الإمام الثقة الحافظ الثبت التابعي.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015