فقال: لا أعلم من مالي درهما من حرام، ولا درهما من شبهة". ثم قال الحافظ: "حكى وراقة أنه ورث من أبيه مالا جليلا، وكان يعطيه مضاربة، فقطع له غريم خمسة وعشرين ألفا، فقيل له: استعن بكتاب الوالي فقال: إن أخذت منهم كتابا طمعوا، ولن أبيع ديني بدنياي، ثم صالح غريمه على أن يعطيه كل شهر عشرة دراهم، وذهب ذلك المال كله". ثم قال الحافظ: "ومات إسماعيل ومحمد صغير، فنشأ في حجر أمه، ثم حج مع أمه، وأخيه أحمد، وكان أسن منه فأقام بمكة مجاورا، يطلب العلم، ورجع أخوه أحمد إلى بخارى، فمات بها". روى نمنجار في تاريخ البخاري واللالكائي في شرح السنة في باب كرمات الأولياء منه: "أن محمد بن إسماعيل ذهبت عيناه في صغره، فرأيت والدته الخليل إبراهيم في المنام، فقال لها: يا هذه رد الله على ابنك بصره بكثرة دعائك قال: فاصبح وقد رد الله عليه بصره"، قال الفربري: "سمعت محمد بن أبي حاتم وراق البخاري يقول: سمعت البخاري يقول: ألهمت حفظ الحديث وأنا في الكتاب، قلت: كم أتى عليك إذ ذاك؟ فقال: عشر سنين أو أقل، ثم خرجت من الكتاب فجعلت أختلف إلى الداخلي وغيره، فقال يوماً فيما كان يقرأ الناس، سفيان عن أبي الزبير عن إبراهيم، فقلت يا أبا الزبير: لم يرو عن إبراهيم1، فانتهرني، فقلت له: ارجع إلى الأصل، إن كان عندك؟ فدخل فنظر فيه، ثم رجع فقال: كيف هو يا غلام؟ فقلت: هو الزبير وهو ابن عدي عن إبراهيم، فأخذ القلم، وأصلح كتابه، وقال لي: صدقت، قال: فقال له إنسان ابن كم حين رددت عليه فقال: ابن إحدى عشرة سنة". قلت: هذه الرواية تدل على عظمة الرجل العظيم في الإسلام في هذه السن المبكرة يوجهه الله تعالى إلى أن يقف هذا الموقف العظيم من معرفة الرجال الذين نقلوا إلينا هذا العلم الشريف، وكان لما ورث من أبيه من مال حلال أثر عظيم في تربيته، وتنشئته ثم قال الحافظ: "قال البخاري: فلما طعنت في ست عشرة سنة حفظت كتب ابن المبارك ووكيع، وعرفت كلام هؤلاء يعني أصحاب الرأي قال: ثم خرجت مع أمي وأخي إلى الحج".

طور بواسطة نورين ميديا © 2015