425 - كَمَا أَخْبَرَنَا حُمَامٌ، عَنْ عَبَّاسِ بْنِ أَصْبَغَ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ عَبْدِ الْمَلِكِ -[368]- بْنِ أَيْمَنَ، حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ زُهَيْرٍ، حَدَّثَنَا مُوسَى بْنُ إِسْمَاعِيلَ، حَدَّثَنَا أَبَانُ بْنُ يَزِيدَ الْعَطَّارُ، حَدَّثَنَا مَالِكُ بْنُ دِينَارٍ، عَنْ عَطَاءٍ، عَنْ سُرَاقَةَ بْنِ مَالِكٍ، قَالَ: اعْتَمَرَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَاعْتَمَرْنَا مَعَهُ، فَقُلْنَا: يَا رَسُولَ اللَّهِ أَلَنَا أَمْ لِلْأَبَدِ؟ فَقَالَ: «بَلْ لِلْأَبَدِ» فَصَحَّ أَنَّ قَوْلَ أَبِي ذَرٍّ، وَعُثْمَانَ، وَعُمَرَ فِي ذَلِكَ رَأْيٌ مِنْ قِبَلِهِمْ، وَقَدْ رَجَعَ عُمَرُ عَنْ ذَلِكَ وَاضْطَرَبَتِ الرِّوَايَةُ عَنْ عُثْمَانَ، وَقَدْ ذَكَرْنَا كُلَّ ذَلِكَ فِي هَذَا الْبَابِ، وَقَدْ قَالَ بِثَبَاتِ الْمُتْعَةِ أَبَدًا عَلِيٌّ، وَسَعْدُ بْنُ أَبِي وَقَّاصٍ، وَابْنُ عُمَرَ، وَابْنُ عَبَّاسٍ، وَسَعِيدُ بْنُ الْمُسَيِّبِ، جُمْهُورُ التَّابِعِينَ. هَذَا وَخُصُومُنَا مُخَالِفُونَ لِقَوْلِ أَبِي ذَرٍّ الصَّحِيحِ عَنْهُ، وَلِقَوْلِ عُثْمَانَ الَّذِي ذَكَرْنَا؛ لِأَنَّ الصَّحِيحَ عَنْ أَبِي ذَرٍّ إِنَّمَا هُوَ مِنْ طَرِيقِ إِبْرَاهِيمَ التَّيْمِيِّ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ أَبِي ذَرٍّ، وَإِنَّمَا فِيهِ وَفِي قَوْلِ عُثْمَانَ أَنَّ الْمُتْعَةَ لَيْسَتْ لِمَنْ بَعْدَهُمْ، وَخُصُومُنَا هَا هُنَا بِأَجْمَعِهِمْ مِنَ الْمَالِكِيِّ وَالْحَنَفِيِّ وَالشَّافِعِيِّ وَالدَّاوُدِيِّ مُجْمِعُونَ عَلَى مُخَالَفَةِ هَذَا الْقَوْلِ، وَقَائِلُونَ بِأَنَّ الْمُتْعَةَ فِي الْحَجِّ بَاقِيَةٌ غَيْرُ مَخْصُوصَةٍ، وَثَابِتَةٌ غَيْرُ مَنْسُوخَةٍ، وَأَمَّا الرِّوَايَةُ عَنْ أَبِي ذَرٍّ، فَإِنَّمَا رَوَاهُ الْمُرَقِّعُ الْأَسَدِيُّ، وَهُوَ مَجْهُولٌ، وَمُوسَى بْنُ عُبَيْدَةَ، وَهُوَ ضَعِيفٌ، وَسُلَيْمَانُ أَوْ سُلَيْمٌ، هَذَا بِالشَّكِّ وَهُوَ أَيْضًا مَجْهُولٌ، فَلَا -[369]- تَعَلُّقَ لَهُمْ بِشَيْءٍ مِنْ هَذِهِ الرِّوَايَةِ أَصْلًا، فَإِنْ قَالَ قَائِلٌ: فَإِنَّ أَبَا مُوسَى الْأَشْعَرِيَّ قَدْ تَوَقَّفَ عَنْ فُتْيَاهُ بِهَا، إِذْ أَخْبَرَ عَنْ عُمَرَ بِمَا أَخْبَرَ، قَالَ أَبُو مُحَمَّدٍ رَحِمَهُ اللَّهُ: يَكْفِينَا مِنْ مُعَارَضَةِ خُصُومِنَا الْمُحْتَجِّينَ بِهَذَا الْحَدِيثِ إِقْرَارُ عُمَرَ بِأَنَّ ذَلِكَ الْقَوْلَ مِنْهُ حَدَثٌ أَحْدَثَهُ فِي النُّسُكِ، وَأَنَّهُ تَأَوَّلَ الْقُرْآنَ، وَفِعْلَ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وَهَذَا لَا حُجَّةَ لَهُمْ فِيهِ، فَالْحَدَثُ لَا يُفْسِخُ السُّنَّةَ، وَإِنَّمَا الْآيَةُ الَّتِي تَأَوَّلَ عُمَرُ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ مِنْ قَوْلِهِ تَعَالَى {وَأَتِمُّوا الْحَجَّ وَالْعُمْرَةَ لِلَّهِ} [البقرة: 196] فَلَا حُجَّةَ فِيهَا لِمَنْ لَا يَرَى فَسْخَ الْحَجِّ بِعُمْرَةٍ لِمَنْ لَا هَدْيَ مَعَهُ؛ لِأَنَّ فَسْخَهُ لِذَلِكَ هُوَ الْإِتْمَامُ لِلْحَجِّ وَالْعُمْرَةِ عَلَى الْحَقِيقَةِ، لِأَنَّهُ بِذَلِكَ أَمْرُ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ الْمُبَيِّنُ لَنَا مُرَادَ اللَّهِ تَعَالَى، وَلَا يَكُونُ مُتِمًّا لِلْحَجِّ وَالْعُمْرَةِ مَنْ أَتَى بِهِمَا، كَمَا أُمِرَ، لَا كَمَا لَمْ يُؤْمَرْ. وَأَمَّا تَأْوِيلُهُ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لَمْ يَحِلَّ حَتَّى نَحَرَ الْهَدْيَ فَنَعْمَ، هَذَا صَحِيحٌ، وَهَكَذَا يَجِبُ عَلَى كُلِّ مَنْ أَحْرَمَ وَمَعَهُ هَدْيٌ أَنْ لَا يَحِلَّ حَتَّى يَنْحَرَ هَدْيَهُ، وَلَا حُجَّةَ فِي تَوَقُّفِ أَبِي مُوسَى، فَإِنَّمَا فَعَلَ ذَلِكَ مَخَافَةً، وَيُبَيِّنُ ذَلِكَ بَيَانًا كَافِيًا أَمْرُهُ لِلنَّاسِ بِالتَّوَقُّفِ عَنِ السُّنَّةِ الَّتِي عِنْدَهُ قَبْلَ أَنْ يَعْرِفَ مَا يَقُولُ عُمَرُ، وَمِنَ الْمُحَالِ أَنْ يَظُنَّ ظَانٌّ بِأَبِي مُوسَى أَنْ يَتْرُكَ سُنَّةً عِنْدَهُ لِقَوْلٍ لَمْ يَسْمَعْهُ بَعْدُ، وَلَا يَدْرِي مَا هُوَ، وَلَكِنْ فَعَلَ ذَلِكَ خَوْفَ أَنْ يَعْرِضَ لَهُ مَا عَرَضَ فِي حَدِيثِ الِاسْتِئْذَانِ