الْفَصْلُ الْأَوَّلُ: خُلَاصَةٌ فِي أَعْمَالِ الْحَجِّ أَعْلَمَ رَسُولُ اللَّهِ عَلَيْهِ السَّلَامُ النَّاسَ أَنَّهُ حَاجٌّ، ثُمَّ أَمَرَ بِالْخُرُوجِ لِلْحَجِّ فَأَصَابَ النَّاسَ بِالْمَدِينَةِ جُدَرِيٌّ أَوْ حَصْبَةٌ، مَنَعَتْ مَنْ شَاءَ اللَّهُ تَعَالَى أَنْ تَمْنَعَ مِنَ الْحَجِّ مَعَهُ، فَأَعْلَمَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنَّ عُمْرَةً فِي رَمَضَانَ تَعْدِلُ حَجَّةً، وَخَرَجَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَامِدًا إِلَى مَكَّةَ عَامَ حَجَّةِ الْوَدَاعِ الَّتِي لَمْ يَحُجَّ مِنَ الْمَدِينَةِ مُنْذُ هَاجَرَ عَلَيْهِ السَّلَامُ إِلَيْهَا غَيْرَهَا، فَأَخَذَ عَلَى طَرِيقِ الشَّجَرَةِ، وَذَلِكَ يَوْمَ الْخَمِيسِ لِسِتٍّ بَقِينَ مِنْ ذِي الْقَعْدَةِ سَنَةَ عَشْرٍ نَهَارًا بَعْدَ أَنْ تَرَجَّلَ وَادَّهَنَ، وَبَعْدَ أَنْ صَلَّى الظُّهْرَ بِالْمَدِينَةِ وَصَلَّى الْعَصْرَ مِنْ ذَلِكَ الْيَوْمِ بِذِي الْحُلَيْفَةِ، وَبَاتَ بِذِي الْحُلَيْفَةِ لَيْلَةَ الْجُمُعَةِ، وَطَافَ تِلْكَ اللَّيْلَةَ عَلَى نِسَائِهِ، ثُمَّ اغْتَسَلَ، ثُمَّ صَلَّى الصُّبْحَ بِهَا، ثُمَّ طَيَّبَتْهُ عَائِشَةُ أُمُّ الْمُؤْمِنِينَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا بِيَدِهَا بِذَرِيرَةٍ وَطِيبٍ فِيهِ مِسْكٌ، ثُمَّ أَحْرَمَ وَلَمْ يَغْسِلِ الطِّيبَ، ثُمَّ لَبَّدَ رَأْسَهُ وَقَلَّدَ بَدَنَتَهُ بِنَعْلَيْنِ، وَأَشْعَرَهَا فِي جَانِبِهَا الْأَيْمَنِ وَسَلَتَ الدَّمَ عَنْهَا، وَكَانَتْ هَدْيَ تَطَوُّعٍ، وَكَانَ عَلَيْهِ السَّلَامُ، سَاقَ الْهَدْيَ مَعَ نَفْسِهِ ثُمَّ رَكِبَ رَاحِلَتَهُ، وَأَهَلَّ حِينَ انْبَعَثَتْ بِهِ مِنْ عِنْدِ الْمَسْجِدِ، مَسْجِدِ ذِي الْحُلَيْفَةِ بِالْقِرَانِ بِالْعُمْرَةِ وَالْحَجِّ مَعًا، وَذَلِكَ قَبْلَ الظُّهْرِ بِيَسِيرٍ، وَقَالَ لِلنَّاسِ بِذِي الْحُلَيْفَةِ: «مَنْ أَرَادَ مِنْكُمْ أَنْ يُهِلَّ بِحَجٍّ وَعُمْرَةٍ فَلْيَفْعَلْ، وَمَنْ