نسبتها ورفعها، فَإِذا قيل: قَالَ أَبُو الْقَاسِم ظن أَن الْآمِر هُوَ النَّبِي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَرُبمَا كَانَ المُرَاد غَيره.

وَأَيْضًا رُبمَا يسب الرجل باسمه أَو يذم بِقَلْبِه فِي الملاحاة فَإِن كَانَ مُسَمّى باسم النَّبِي كَانَ فِي ذَلِك هَيْئَة مُنكرَة.

ثمَّ هَذَا الْمَعْنى أَكثر تحققا فِي الكنية مِنْهُ فِي الْعلم لوَجْهَيْنِ: أَحدهمَا أَن النَّاس كَانُوا ممنوعين شرعا وممتنعين ديدنا من أَن ينادوا النَّبِي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ باسمه وَكَانَ الْمُسلمُونَ ينادون يَا رَسُول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَأهل الذِّمَّة يَقُولُونَ: يَا أَبَا الْقَاسِم.

وَثَانِيهمَا أَن الْعَرَب كَانُوا لَا يقصدون بِالِاسْمِ التشريف وَلَا التحقير، وَأما الكنى فَكَانُوا يقصدون بهَا أحد الْأَمريْنِ كَأبي الحكم. وَأبي جهل وَنَحْو ذَلِك.

وَإِنَّمَا كنى النَّبِي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِأبي الْقَاسِم لِأَنَّهُ قَاسم فَكَانَ تكنية غَيره بهَا كالتسوية مَعَه.

وَإِنَّمَا رخص النَّبِي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لعَلي أَن يُسَمِّي وَلَده باسمه بعده ويكنيه بكنيته لارْتِفَاع الالتباس والتدليس بانقراض الْقرن.

قَالَ الرَّسُول صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: " لَا يَقُولَن أحدكُم عَبدِي وَأمتِي كلكُمْ عبيد الله وكل نِسَائِكُم إِمَاء الله وَلَكِن ليقل غلامي وجاريتي وفتاي وَفَتَاتِي وَلَا يقل العَبْد رَبِّي وَلَكِن ليقل سَيِّدي ".

أَقُول: التطاول فِي الْكَلَام والازدراء بِالنَّاسِ منشؤه الْإِعْجَاب وَالْكبر وَفِيه كسر قُلُوب النَّاس، وَأَيْضًا فَلَمَّا عبر فِي الْكتب الإلهية عَن النِّسْبَة الَّتِي هِيَ لِلْخلقِ إِلَى الْخَالِق بالعبيده والربية كَانَ إِطْلَاقهَا فِيمَا بَينهم سوءأدب

قَالَ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: " لَا تَقولُوا الْكَرم وَلَكِن قَالُوا الْعِنَب والحبلة وَلَا تَقولُوا يَا خيبة الدَّهْر فَإِن الله هُوَ الدَّهْر، وَقَالَ الله تَعَالَى: " يُؤْذِينِي ابْن آدم يسب الدَّهْر وَأَنا الدَّهْر بيَدي الْأَمر أقلب اللَّيْل وَالنَّهَار ".

أَقُول: لما نهى الله تَعَالَى عَن الْخمر وَوضع أمرهَا اقْتضى ذَلِك أَن يمْنَع عَن كل مَا يُنَوّه أمرهَا ويخيل حسنها إِلَيْهِم وَالْعِنَب مَادَّة الْخمر وَأَصلهَا، وَكَانَ الْعَرَب كثيرا مَا يسمونها بنت كرم ويروجونها بذلك.

وَكَانَ أهل الْجَاهِلِيَّة ينسبون الوقائع إِلَى الدَّهْر وَهَذَا نوع من الشّرك،

وَأَيْضًا رُبمَا يُرِيدُونَ بالدهر مُقَلِّب الدَّهْر، فالسخط رَاجع إِلَى الله وَأَن أخطأوا فِي العنوان.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015