وثانيتها أَن يَجْعَل الإِمَام جعلا لمن يعْمل عملا فِيهِ غناء عَن الْمُسلمين، مثلا أَن يَقُول: من طلع هَذَا الْحصن فَلهُ كَذَا. وَمن جَاءَ بأسير فَلهُ كَذَا. من قتل قَتِيلا فَلهُ سلبه، فَإِن شَرط من مَال الْمُسلمين أعطي مِنْهُ، وَإِن شَرط من الْغَنِيمَة أعطي من أَرْبَعَة أَخْمَاس.
وثالثتها أَن يخص الإِمَام بعض الْغَانِمين بِشَيْء لغنائه وبأسه كَمَا أعطي
رَسُول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ سَلمَة بن الْأَكْوَع فِي غَزْوَة ذِي قرد سهم الْفَارِس والراجل حَيْثُ ظهر مِنْهُ نفع عَظِيم للْمُسلمين.
وَالأَصَح عِنْدِي أَن السَّلب إِنَّمَا يسْتَحقّهُ الْقَاتِل بِجعْل الإِمَام قبل الْقَتْل أَو تنفيله بعده.
وَيرْفَع مَا يَنْبَغِي أَن يرْضخ دون السهْم للنِّسَاء يداوين المرضى، ويطبخن الطَّعَام، ويصلحن شَأْن الْغُزَاة وللعبيد وَالصبيان وَأهل الذِّمَّة الَّذين أذن لَهُم الإِمَام إِن حصل مِنْهُم نفع للغزاة وَإِن عثر على أَن شَيْئا من الْغَنِيمَة كَانَ مَال مُسلم ظفر بِهِ الْعَدو رد عَلَيْهِ بِلَا شَيْء، ثمَّ يقسم الْبَاقِي على من حضر الْوَقْعَة للفارس ثَلَاثَة أسْهم. وللراجل سهم.
وَعِنْدِي أَنه إِن رأى الإِمَام أَن يزِيد لركبان الْإِبِل أَو للرماة شَيْئا أَو يفضل العراب على البراذين بِشَيْء دون السهْم فَلهُ ذَلِك بعد أَن يشاور أهل الرَّأْي وَيكون أمرا لَا يخْتَلف عَلَيْهِ لأَجله وَبِه يجمع اخْتِلَاف سير النَّبِي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَأَصْحَابه رَضِي الله عَنْهُم فِي الْبَاب.
وَمن بَعثه الْأَمِير لمصْلحَة الْجَيْش كالبريد والطليعة والجاسوس يُسهم لَهُ وَإِن لم يحضر الْوَقْعَة كَمَا كَانَ لعُثْمَان يَوْم بدر.
وَأما الْفَيْء فمصرفه مَا بَين الله تَعَالَى حَيْثُ قَالَ: {مَا أَفَاء الله على رَسُوله من أهل الْقرى فَللَّه وَلِلرَّسُولِ وَلِذِي القريى واليتامى وَالْمَسَاكِين وَابْن السَّبِيل} .
إِلَى قَوْله " {رءوف رَحِيم} وَلما قَرَأَهَا عمر رَضِي الله عَنهُ قَالَ: هَذِه استوعبت الْمُسلمين فيصرفه إِلَى الأهم فالأهم، وَينظر فِي ذَلِك إِلَى مصَالح الْمُسلمين لَا مصْلحَته الْخَاصَّة بِهِ.