أَقُول: يسْتَحبّ لمن وجد الشاتين أَن ينْسك بهما عَن الْغُلَام وَذَلِكَ لما عِنْدهم أَن الذّكر أَنْفَع لَهُم من الْإِنَاث، فَنَاسَبَ فِي زِيَادَة الشُّكْر وَزِيَادَة التنويه بِهِ.

قَالَ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: " أحب الْأَسْمَاء إِلَى الله عبد الله وَعبد الرَّحْمَن " اعْلَم أَن أعظم الْمَقَاصِد الشَّرْعِيَّة أَن يدْخل ذكر الله فِي تضاعيف ارتفاقاتهم الضرورية ليَكُون كل ذَلِك أَلْسِنَة تدعوا إِلَى الْحق، وَفِي تَسْمِيَة الْمَوْلُود بذلك إِشْعَار بِالتَّوْحِيدِ، وَأَيْضًا فَكَانَ الْعَرَب وَغَيرهم يسمون الْأَوْلَاد بِمن يعبدونه وَلما بعث النَّبِي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مُقيما لمراسم التَّوْحِيد وَجب أَن يسن فِي التَّسْمِيَة أَيْضا مثل ذَلِك، وَإِنَّمَا كَانَ هَذَانِ الاسمان أحب من سَائِر مَا يُضَاف فِيهِ العَبْد إِلَى اسْم من أَسمَاء الله تَعَالَى لِأَنَّهُمَا أشهر الْأَسْمَاء، وَلَا يطلقان على غَيره تَعَالَى بِخِلَاف غَيرهمَا، وَأَنت تَسْتَطِيع أَن تعلم من هَذَا سر اسْتِحْبَاب تَسْمِيَة الْمَوْلُود بِمُحَمد وَأحمد، فَإِن طوائف النَّاس أولعوا بِتَسْمِيَة أَوْلَادهم

بأسماء أسلافهم المعظمين عِنْدهم، وَكَاد يكون ذَلِك تنويها بِالدّينِ وبمنزلة الْإِقْرَار بِأَنَّهُ من أَهله.

وَقَالَ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ:

" اخنى الْأَسْمَاء يَوْم الْقِيَامَة عِنْد الله رجل يُسمى ملك الْأَمْلَاك ".

أَقُول: السَّبَب فِيهِ أَن أصل أصُول الدّين هُوَ تَعْظِيم الله وَألا يسوى بِهِ غَيره وتعظيم الشَّيْء مساوق لتعظيم اسْمه، وَلذَلِك وَجب أَلا يُسمى باسمه لَا سِيمَا هَذَا الِاسْم الدَّال على أعظم التَّعْظِيم، قَالَ الله تَعَالَى:

{والوالدات يرضعن أَوْلَادهنَّ حَوْلَيْنِ كَامِلين} الْآيَة.

أَقُول: لما تَوَجَّهت إِرَادَة الله تَعَالَى إِلَى إبْقَاء نوع الْإِنْسَان بالتناسل، وَجرى بذلك قَضَاؤُهُ وَكَانَ الْوَلَد لَا يعِيش فِي الْعَادة إِلَّا بتعاون من الْوَالِد والوالدة فِي أَسبَاب حَيَاته، وَذَلِكَ أَمر جبلي خلق النَّاس عَلَيْهِ بِحَيْثُ يكون عصيانه ومخالفته تغييرا لخلق الله وسعيا فِي نقض مَا أوجبته الْحِكْمَة الإلهية - وَجب أَن يبْحَث الشَّرْع عَن ذَلِك، ويوزع عَلَيْهِمَا مَا يَتَيَسَّر، ويتأتى مِنْهُمَا، والمتيسر من الوالدة أَن ترْضع. وتحضن. فَيجب عَلَيْهَا ذَلِك، والمتيسر من الْوَالِد أَن ينْفق عَلَيْهِ من طوله، وَينْفق عَلَيْهَا، لِأَنَّهُ حَبسهَا عَن المكاسب، وشغلها بحضانة وَلَده، ومعاناة التَّعَب فِيهَا. فَكَانَ الْعدْل أَن تكون كفايتها عَلَيْهِ، وَلما كَانَ من النَّاس من يستعجل الْفِطَام، وَرُبمَا يكون ذَلِك ضارا بِالْوَلَدِ حد الله لَهُ حدا تغلب السَّلامَة عِنْده وَهُوَ حولان

طور بواسطة نورين ميديا © 2015