لَهَا " أَقُول السرفية أَن طلب طَلاقهَا اقتضاب عَلَيْهَا وسعى فِي إبِْطَال معيشتها، وَمن أعظم أَسبَاب فَسَاد الْمَدِينَة أَن يقتضب وَاحِد على الآخر وَجه معيشته، وَإِنَّمَا المرضى عِنْد الله أَن يطْلب كل وَاحِد معيشته بِمَا يسر الله لَهُ من غير أَن يسْعَى فِي إِزَالَة معيشة الآخر.
اعْلَم أَنه لما كَانَ الرِّجَال يهيجهم النّظر إِلَى النِّسَاء على عشقهن والتوله بِهن، وَيفْعل بِالنسَاء مثل ذَلِك، وَكَانَ كثيرا مَا يكون ذَلِك سَببا لِأَن يَبْتَغِي قَضَاء الشَّهْوَة مِنْهُنَّ على غير السّنة الراشدة، كإتباع من هِيَ فِي عصمَة غَيره، أَو بِلَا نِكَاح، أَو غير اعْتِبَار كفاءة - وَالَّذِي شوهد فِي هَذَا الْبَاب يُغني عَمَّا سطر فِي الدفاتر - اقْتَضَت الْحِكْمَة أَن يسد هَذَا الْبَاب، وَلما كَانَت الْحَاجَات متنازعة محوجة إِلَى المخالطة وَجب أَن يَجْعَل ذَلِك على مَرَاتِب بِحَسب الْحَاجَات فشرع النَّبِي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وُجُوهًا من السّنَن.
أَحدهَا أَلا تخرج الْمَرْأَة من بَيتهَا إِلَّا لحَاجَة لَا تَجِد مِنْهَا بدا.
قَالَ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "
الْمَرْأَة عَورَة فَإِذا خرجت استشرفها الشَّيْطَان ".
أَقُول: مَعْنَاهُ استشرف حزبه، أَو هُوَ كِنَايَة عَن تهيئ أَسبَاب الْفِتْنَة، وَقَالَ الله تَعَالَى:
{وَقرن فِي بيوتكن}
وَكَانَ عمر رَضِي الله عَنهُ - لما أُوتِيَ من علم أسرار الدّين - حَرِيصًا على أَن ينزل هَذَا الْحجاب حَتَّى نَادَى: يَا سَوْدَة إِنَّك لَا تخفين علينا لكنه صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ رأى أَن سد هَذَا الْبَاب بِالْكُلِّيَّةِ حرج عَظِيم فندب إِلَى ذَلِك من غير إِيجَاب، وَقَالَ:
{أذن لَكِن أَن تخرجن إِلَى حوائجكن}
الثَّانِي أَن تلقي عَلَيْهَا جلبابها، وَلَا تظهر مَوَاضِع الزِّينَة مِنْهَا إِلَّا لزَوجهَا أَو لذِي رحم محرم، قَالَ تَعَالَى: