وَأم أَو لأم، وَإِنَّمَا مَظَنَّة الْقَرَابَة الْقَرِيبَة دون الْبَعِيدَة، فَمن ثمَّ لم يَجْعَل للعمة شَيْء مِمَّا للعم لِأَنَّهَا لَا تذب عَنهُ كَمَا يذب الْعم وَلَيْسَت كالاخت فِي الْقرب.
وَمِنْهَا أَن الذّكر يفضل على الْأُنْثَى إِذا كَانَا فِي منزلَة وَاحِدَة أبدا لاخْتِصَاص الذُّكُور بحماية الْبَيْضَة والذب عَن الذمار، وَلِأَن الرِّجَال عَلَيْهِم انفاقات كَثِيرَة، فهم أَحَق مَا يكون شبه المجان، بِخِلَاف النِّسَاء فَإِنَّهُنَّ كل على أَزوَاجهنَّ أَو آبائهن أَو أبنائهن، وَهُوَ قَوْله تَعَالَى:
{الرِّجَال قوامون على النِّسَاء بِمَا فضل الله بَعضهم على بعض وَبِمَا أَنْفقُوا}
وَقَالَ ابْن مَسْعُود رَضِي الله عَنهُ فِي مَسْأَلَة ثلث الْبَاقِي: مَا كَانَ الله ليريني أَن أفضل أما على أَب، غير أَن الْوَالِد لما اعْتبر فَضله مرّة بجمعه بَين الْعُصُوبَة وَالْفَرْض وَلم يعْتَبر ثَانِيًا بتضاعف نصِيبه أَيْضا، فَإِنَّهُ غمط لحق سَائِر الْوَرَثَة، وَأَوْلَاد الْأُم لَيْسَ للذّكر مِنْهُم حماية للبيضة وَلَا ذب عَن الذمار، فَإِنَّهُم من
قوم آخَرين، فَلم يفضل على الْأُنْثَى، وَأَيْضًا فَإِن قرابتهم منشعبة من قرَابَة الْأُم فكأنهم جَمِيعًا إناث.
وَمِنْهَا أَنه إِذا اجْتمع جمَاعَة من الْوَرَثَة فَإِن كَانُوا فِي مرتبَة وَاحِدَة وَجب أَن يوزع عَلَيْهِم لعدم تقدم وَاحِد مِنْهُم على الآخر وَإِن كَانُوا فِي منَازِل شَتَّى فَذَلِك على وَجْهَيْن: إِمَّا أَن يعمهم اسْم وَاحِد أَو جِهَة وَاحِدَة وَالْأَصْل فِيهِ أَن الْأَقْرَب يحجب الْأَبْعَد حرمانا لِأَن التَّوَارُث إِنَّمَا شرع حثا على التعاون وَلكُل قرَابَة وتعاون كالرفق فِيمَن يعمهم اسْم الْأُم وَالْقِيَام مقَام الرجل فِيمَن يعمهم اسْم الابْن والذب عَنهُ فِيمَن يعمهم اسْم الْعُصُوبَة. وَلَا تتَحَقَّق هَذِه الْمصلحَة إِلَّا بِأَن يتَعَيَّن من يُؤَاخذ نَفسه بذلك، ويلام على تَركه، ويتميز من سَائِر من هُنَالك بِالنَّبلِ اما فضل سهم على سهم، فَلَا يَجدونَ لَهُ كثير بَال أَو تكون أَسمَاؤُهُم وجهاتهم مُخْتَلفَة، وَالْأَصْل فِيهِ أَن الْأَقْرَب والأنفع فِيمَا عِنْد الله من علم المظان الغالبية يحجب الْأَبْعَد نُقْصَانا.
وَمِنْهَا أَن السِّهَام الَّتِي تعين بهَا الْأَنْصِبَاء يجب أَن تكون أجزاؤها ظَاهِرَة يتميزها بادئ الرَّأْي المحاسب وَغَيره، وَقد أَشَارَ النَّبِي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي قَوْله:
" إِنَّا أمة أُميَّة لَا نكتب وَلَا نحسب " إِلَى أَن الَّذِي يَلِيق أَن يُخَاطب بِهِ جُمْهُور الْمُكَلّفين هُوَ مَا لَا يحْتَاج إِلَى تعمق فِي الْحساب وَيجب أَن يكون بِحَيْثُ يظْهر فِيهَا تَرْتِيب الْفضل وَالنُّقْصَان بادئ الرَّأْي، فآثر الشَّرْع من السِّهَام فصلين: الأول الثُّلُثَانِ، وَالثلث، وَالسُّدُس، وَالثَّانِي النّصْف، وَالرّبع، وَالثمن، فَإِن مخرجهما الْأَصْلِيّ أَولا الْأَعْدَاد، ويتحقق فيهمَا ثَلَاث مَرَاتِب بَين كل مِنْهَا نِسْبَة