وَمن أظهر مَا لَيْسَ فِي الْحَقِيقَة فَذَلِك كذب، وَقَوله عَلَيْهِ السَّلَام:
" كلابس ثوبي زور " مَعْنَاهُ كمن تردى أَو اتزر بالزور وَشَمل الزُّور جَمِيع بدنه.
قَالَ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: " من صنع إِلَيْهِ مَعْرُوف، فَقَالَ لفَاعِله:
جَزَاك الله خيرا، فقد أبلغ فِي الثَّنَاء " أَقُول: إِنَّمَا عين النَّبِي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ هَذِه اللَّفْظَة لِأَن الْكَلَام الزَّائِد فِي مثل هَذَا الْمقَام إطراء وإلحاح، والناقص، كتمان وغمط "، وَأحسن مَا يحيي بِهِ بعض الْمُسلمين بِهِ بَعْضًا مَا يذكر الْمعَاد، ويحيل الْأَمر على الله، وَهَذِه اللَّفْظَة نِصَاب صَالح بِجَمِيعِ مَا ذكرنَا.
وَقَالَ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ:
" تهادوا، فَإِن الْهَدِيَّة تذْهب الضغائن " وَفِي رِوَايَة " تذْهب وحر الصَّدْر " أَقُول: الْهَدِيَّة وَإِن قلت تدل على تَعْظِيم المهدى لَهُ، وَكَونه مِنْهُ على بَال، وَأَنه يُحِبهُ، ويرغب فِيهِ، وَإِلَيْهِ الْإِشَارَة فِي حَدِيث "
لَا تحقرن جَارة لجارتها وَلَو فرسن شاه " فَلذَلِك كَانَ طَرِيقا صَالحا لدفع الضغينة، ويدفعها تَمام الألفة فِي الْمَدِينَة والحي.
قَالَ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ:
" من عرض عَلَيْهِ ريحَان فَلَا يردهُ، فَإِنَّهُ خَفِيف الْمحمل طيب الرّيح " أَقُول: إِنَّمَا كره رد الريحان، وَمَا يُشبههُ لخفة مُؤْنَته، وتعامل النَّاس بإهدائه، فَلَا يلْحق هَذَا كثير عَار فِي قبُوله، وَلَا فِي ذَلِك كثير حرج فِي إهدائه، وَفِي التَّعَامُل بذلك إئتلاف، وَفِي رده فَسَاد ذَات الْبَين، وإضمار على وحر.
قَالَ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ:
" الْعَائِد فِي هِبته كَالْكَلْبِ يعود فِي قيئه، لَيْسَ لنا مثل السوء " أَقُول: إِنَّمَا كره الرُّجُوع فِي الْهِبَة لِأَن منشأ الْعود فِيمَا أفرزه عَن مَاله، وَقطع الطمع عَنهُ إِمَّا شح بِمَا أعْطى، أَو تضجر مِنْهُ، أَو إِضْرَار لَهُ، وكل ذَلِك من الْأَخْلَاق المذمومة، وَأَيْضًا نفي نقض الْهِبَة بعد مَا أحكم، وأمضى وحر وضغينة، بِخِلَاف مَا لم يُعْط من أول الْأَمر، فَشبه النَّبِي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ الْعود فِيمَا أفرزه من ملكه بِعُود الْكَلْب فِي قيئه، يمثل لَهُم الْمَعْنى بادئ الرَّأْي وَبَين لَهُم قبح تِلْكَ الْحَالة بأبلغ وَجه اللَّهُمَّ إِلَّا
إِذا كَانَ بَينهمَا مباسطة ترفع المناقشة ك الْوَالِد وَالْولد، وَهُوَ قَوْله عَلَيْهِ السَّلَام:
" إِلَّا الْوَالِد من وَلَده ".
وَقَالَ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِيمَن ينْحل بعض أَوْلَاده مَا لم ينْحل الآخر.
" أَيَسُرُّك أَن يَكُونُوا إِلَيْك فِي الْبر سَوَاء؟ قَالَ: بلَى. قَالَ: فَلَا إِذا ".