وَمن أجمع مَا سنه النَّبِي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي الِاسْتِعَاذَة ": أعوذ بِاللَّه من جهد الْبلَاء ودرك الشَّقَاء، وَسُوء الْقَضَاء، وشماتة الْأَعْدَاء، اللَّهُمَّ إِنِّي أعوذ بك من الْهم والحزن، وَالْعجز والكسل، والجبن وَالْبخل، وضلع الدّين، وَغَلَبَة الرِّجَال، اللَّهُمَّ إِنِّي أعوذ بك من الكسل والهرم، والمغرم والمأثم، اللَّهُمَّ إِنِّي أعوذ بك من عَذَاب النَّار وفتنة النَّار، وفتنة الْقَبْر وَعَذَاب الْقَبْر، وَمن شَرّ فتْنَة الْغنى، وَمن شَرّ فتْنَة الْفقر، وَمن شَرّ فتْنَة الْمَسِيح
الدَّجَّال، اللَّهُمَّ اغسل خطاياي بِمَاء الثَّلج وَالْبرد، ونق قابي كَمَا ينقى الثَّوْب الْأَبْيَض من الدنس، وباعد بيني وَبَين خطاياي كَمَا باعدت بَين الْمشرق وَالْمغْرب، اللَّهُمَّ آتٍ نَفسِي تقواها، وزكها، أَنْت خير من زكاها، أَنْت وَليهَا ومولاها، اللَّهُمَّ إِنِّي أعوذ بك من علم لَا ينفع، وَمن قلب لَا يخشع، وَمن نفس لَا تشبع، وَمن دَعْوَة لَا يُسْتَجَاب لَهَا، اللَّهُمَّ إِنِّي أعوذ بك من زَوَال نِعْمَتك وتحول عافيتك وفجأة نقمتك وَجَمِيع سخطك، اللَّهُمَّ إِنِّي أعوذ بك من الْفقر والقلة والذلة، وَأَعُوذ بك من أَن أظلم أَو أظلم ".
وَمِنْهَا التَّعْبِير عَن الخضوع والإخبات، كَقَوْلِه صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ:
" سجد وَجْهي للَّذي خلقه " الخ.
وَاعْلَم أَن الدَّعْوَات الَّتِي أمرنَا بهَا النَّبِي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ على قسمَيْنِ: أَحدهمَا مَا يكون الْمَقْصُود مِنْهُ أَن تملأ القوى الفكرية بملاحظة جلال الله وعظمته، أَو يحصل حَالَة الخضوع والإخبات فَإِن لتعبير اللِّسَان عَمَّا يُنَاسب هَذِه الْحَالة أثرا عَظِيما فِي تنبه النَّفس لَهَا وإقبالها عَلَيْهَا.
وَالثَّانِي مَا يكون فِيهِ الرَّغْبَة فِي خير الدُّنْيَا وَالْآخِرَة والتعوذ من شرهما لِأَن همة النَّفس وتأكد عزيمتها فِي طلب شَيْء يقرع بَاب الْجُود بِمَنْزِلَة إعداد مُقَدمَات الدَّلِيل لفيضان النتيجة، وَتجْعَل جلال الله حَاضرا بَين عَيْنَيْهِ، وَتصرف همته إِلَيْهِ، فَتلك الْحَالة غنيمَة المحسن.
وَقَوله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ:
" الدُّعَاء هُوَ الْعِبَادَة "
. أَقُول: ذَلِك لِأَن أصل الْعِبَادَة هُوَ الاستفغراق فِي الْحُضُور بِوَصْف التَّعْظِيم، وَالدُّعَاء بقسميه نِصَاب تَامّ مِنْهُ.