وَمِنْهَا لَا إِلَه إِلَّا الله وَله بطُون كَثِيرَة: فالبطن الأول طرد الشّرك الْجَلِيّ وَالثَّانِي طرد الشّرك الْخَفي. وَالثَّالِث طرد الْحجب الْمَانِعَة عَن الْوُصُول إِلَى
معرفَة الله، وَإِلَيْهِ الْإِشَارَة فِي قَوْله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: " لَا إِلَه إِلَّا الله لَيْسَ لَهَا حجاب دون الله حَتَّى تخلص إِلَيْهِ " وَكَانَ مُوسَى عَلَيْهِ السَّلَام يعرف من بطونها البطنين الْأَوَّلين، فاستبعد أَن يكون الذّكر الَّذِي يَخُصُّهُ الله بِهِ ذَاك، فَأوحى الله إِلَيْهِ جلية الْحَال، وكشف عَلَيْهِ أَنه طارد كل مَا سوى الله تَعَالَى عَن مستن الايثار، وَعَن التمثل بَين عَيْنَيْهِ وانه لَو وضع جَمِيع مَا سواهُ فِي كفة وَهَذِه فِي كفة لمالت بِهن، فَإِنَّهُ يطردهن، ويحقرهن، والتهليلة مَعَ تَفْصِيل مَا للنَّفْي وَالْإِثْبَات وَهِي لَا إِلَه إِلَّا الله وَحده لَا شريك لَهُ لَهُ الْملك وَله الْحَمد وَهُوَ على كل شَيْء قدير.
وَورد من فضل من قَالَهَا مائَة كَانَت لَهُ عدل عشر رِقَاب الخ وَذَلِكَ لِأَنَّهَا جَامِعَة بَين الْمعرفَة الثبوتية والسلبية، والسلبية أقرب لمحو الذُّنُوب، والثبوتية أفيد لوُجُود الْحَسَنَات وتمثل الأجزية.
وَمِنْهَا الله أكبر وَفِيه مُلَاحظَة عَظمته وَقدرته وسلطانه، وَهُوَ إِشَارَة إِلَى معرفَة ثبوتية، وَلذَلِك ورد فِي فَضله أَنه يمْلَأ مَا بَين السَّمَاء وَالْأَرْض، وَهَذِه الْكَلِمَات الْأَرْبَع أفضل الْكَلَام وأحبه إِلَى الله، وَهِي غراس الْجنَّة.
وسر حَدِيث جوَيْرِية " لقد قلت بعْدك أَربع كَلِمَات ثَلَاث مَرَّات لَو وزنت بِمَا قلت مُنْذُ الْيَوْم لوزنتهن: سُبْحَانَ الله وَبِحَمْدِهِ عدد خلقه ورضاء نَفسه وزنة عَرْشه ومداد كَلِمَاته " أَن صُورَة الْعَمَل إِذا اسْتَقَرَّتْ فِي الصَّحِيفَة كَانَ انفساحها وانشراحها عِنْد الْجَزَاء حسب معنى تِلْكَ الْكَلِمَة، فَإِن كَانَت فِيهِ كلمة مثل عدد خلقه كَانَ انفساحها مثل ذَلِك.
وَاعْلَم أَن من كَانَ أَكثر ميله إِلَى تلون النَّفس بلون معنى الذّكر فَالْمُنَاسِب فِي حَقه إكثار الذّكر، وَمن كَانَ أَكثر ميله إِلَى مُحَافظَة صُورَة الْعَمَل فِي الصَّحِيفَة وظهورها يَوْم الْجَزَاء فالأنفع فِي حَقه اخْتِيَار ذكر راب على الْأَذْكَار بالكيفية.
وَلَيْسَ لأحد أَن يَقُول: إِذا كَانَت هَذِه الْكَلِمَات ثَلَاث مَرَّات أفضل من سَائِر الْأَذْكَار