النَّفس إِلَى إِحْدَى القبيلتين فَيُؤْمَر بذلك الْبَاب، وَقد ذكرنَا بعض ذَلِك.
وَمن هَذَا الْبَاب قَوْله عَلَيْهِ السَّلَام إِن الشَّيْطَان يَأْكُل بِشمَالِهِ وَيشْرب بِشمَالِهِ "
وَقَوله عَلَيْهِ السَّلَام: " الاجدع شَيْطَان " وَقَوله عَلَيْهِ الصَّلَاة وَالسَّلَام: " أَلا تصفون كَمَا تصف الْمَلَائِكَة، وَقد أَمر النَّبِي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بمظان تِلْكَ الْأَخْلَاق، فَأمر بأذكار تفِيد دوَام الإخبات والتضرع، وَأمر بِالصبرِ والانفاق، وَرغب فِي ذكر هاذم اللَّذَّات وَذكر الْآخِرَة، وهون أَمر الدُّنْيَا فِي أَعينهم، وحضهم على التفكر فِي جلال الله وَعظم قدرته، ليحصل لَهُم السماحة، وَأمر بعيادة الْمَرِيض وَالْبر والصلة وإفشاء السَّلَام وَإِقَامَة الْحُدُود وَالْأَمر بِالْمَعْرُوفِ وَالنَّهْي عَن الْمُنكر، ليحصل لَهُم الْعَدَالَة، وَبَين تِلْكَ الْأَفْعَال والهيآت أتم بَيَان، جزى الله تَعَالَى هَذَا النَّبِي الْكَرِيم كَمَا هُوَ أَهله عَنَّا وَعَن سَائِر الْمُسلمين أَجْمَعِينَ.
إِذا علمت هَذِه الْأُصُول حَان أَن نشتغل بِبَعْض التَّفْصِيل، وَالله أعلم
قَالَ رَسُول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لَا يقْعد قوم يذكرُونَ الله إِلَّا حفتهم الْمَلَائِكَة وَغَشِيَتْهُمْ الرَّحْمَة " أَقُول: لَا شكّ أَن اجْتِمَاع الْمُسلمين راغبين ذاكرين يجلب الرَّحْمَة والسكينة، وَيقرب من الْمَلَائِكَة.
وَقَالَ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ سبق المفردون " (أَقُول) هم قوم من السَّابِقين سموا بالمفردين لِأَن الذّكر خفف عَنْهُم أوزارهم.
قَالَ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: قَالَ تَعَالَى أَنا عِنْد ظن عَبدِي بِي وَأَنا مَعَه إِذا ذَكرنِي فَإِن ذَكرنِي فِي نَفسه ذكرته فِي نَفسِي وَإِن ذَكرنِي فِي مَلأ ذكرته فِي مَلأ خير مِنْهُ "