الْمصَالح المرعية فِي الْحَج أُمُور: مِنْهَا تَعْظِيم الْبَيْت، فَإِنَّهُ من شَعَائِر الله، وتعظيمه هُوَ تَعْظِيم الله تَعَالَى.
وَمِنْهَا تَحْقِيق معنى العرضة، فَإِن لكل دولة أَو مِلَّة اجتماعا يتوارده الأقاصي والأدانى ليعرف فِيهِ بَعضهم بَعْضًا، ويستفيدوا أَحْكَام الْملَّة، ويعظموا شعائرها، وَالْحج عرضة الْمُسلمين وَظُهُور شوكتهم واجتماع جنودهم وتنويه ملتهم، وَهُوَ قَول الله تَعَالَى:
{وَإِذا جعلنَا الْبَيْت مثابة للنَّاس وَأمنا} .
وَمِنْهَا مُوَافقَة مَا توارث النَّاس عَن سيدنَا إِبْرَاهِيم وإسمعيل عَلَيْهِمَا السَّلَام، فَإِنَّهُمَا إِمَامًا الْملَّة الحنيفة ومشرعاها للْعَرَب، وَالنَّبِيّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بعث لتظهر بِهِ الْملَّة الحنيفية وَتَعْلُو بهَا كلمتها، وَهُوَ قَوْله تَعَالَى:
{مِلَّة أبيكم إِبْرَاهِيم} .
فَمن الْوَاجِب الْمُحَافظَة على مَا استفاض عَن إماميها كخصال الْفطْرَة ومناسك الْحَج؛ وَهُوَ قَوْله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ " قفوا على مشاعركم فَإِنَّكُم على إِرْث من إِرْث أبيكم إِبْرَاهِيم ".
وَمِنْهَا الِاصْطِلَاح على حَال يتَحَقَّق بهَا الرِّفْق لعامتهم وخاصتهم كنزول منى. وَالْمَبِيت بِمُزْدَلِفَة، فَإِنَّهُ لَو لم يصطلح على مثل هَذَا لشق عَلَيْهِم، وَلَو لم يسجل عَلَيْهِم لم تَجْتَمِع كلمتهم عَلَيْهِ مَعَ كثرتهم وانتشارهم.
وَمِنْهَا الْأَعْمَال الَّتِي تعلن بِأَن صَاحبهَا موحد تَابع للحق متدين بالملة الحنيفية شَاكر لله على مَا أنعم على أَوَائِل هَذِه الْملَّة كالسعي بَين الصَّفَا والمروة.
وَمِنْهَا أَن أهل الْجَاهِلِيَّة كَانُوا يحجون وَكَانَ الْحَج أصل دينهم وَلَكنهُمْ خلطوا أعمالا مَا هِيَ مأثورة عَن إِبْرَاهِيم عَلَيْهِ السَّلَام، وَإِنَّمَا هِيَ اخْتِلَاف مِنْهُم وفيهَا إشراك لغير الله كتعظيم إساف. ونائلة، وكالاهلال لمناة الطاغية، وكقولهم فِي التَّلْبِيَة: لَا شَرِيكا