فَجعل النَّبِي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لكل من هذَيْن سنة، وَجعل الجباية بِحَسب المصارف، وَسَيَأْتِي مبَاحث الثَّانِي فِي كتاب الْجِهَاد.
والبلاد الْخَاصَّة بِالْمُسْلِمين عُمْدَة مَا يتلخص فِيهَا من المَال نَوْعَانِ بِإِزَاءِ نَوْعَيْنِ من الْمصرف: نوع من المَال الَّذِي زَالَت عَنهُ يَد مالكة كتركة الْمَيِّت لَا وَارِث لَهُ، وضوال من الْبَهَائِم لَا مَالك لَهَا، ولقطة أَخذهَا أعوان بَيت المَال، وَعرفت، فَلم يعرف لمن هِيَ، وأمثال ذَلِك، من حَقه أَن يصرف إِلَى الْمَنَافِع الْمُشْتَركَة مِمَّا لَيْسَ فِيهَا تمْلِيك لأحد. ككرى الْأَنْهَار. وَبِنَاء القناطر. والمساجد. وحفر الْآبَار. والعيون - وأمثال ذَلِك؛ وَنَوع هُوَ صدقَات الْمُسلمين جمعت فِي بَيت المَال، وَمن حَقه أَن يصرف إِلَى مَا فِيهِ تمْلِيك لأحد. وَفِي ذَلِك قَوْله تَعَالَى:
{إِنَّمَا الصَّدقَات للْفُقَرَاء وَالْمَسَاكِين} . الْآيَة
وَالْجُمْلَة فِي ذَلِك أَن الْحَاجَات من هَذَا النَّوْع وَإِن كَانَت كَثِيرَة جدا لَكِن الْعُمْدَة فِيهَا ثَلَاثَة:
المحتاجون، وضبطهم الشَّارِع بالفقراء وَالْمَسَاكِين وَأَبْنَاء السَّبِيل والغارمين فِي مصلحَة أنفسهم.
والحفظة، وضبطهم بالغزاة والعاملين على الجبايات.
وَالثَّالِث مَال يصرف إِلَى دفع الْفِتَن الْوَاقِعَة بَين الْمُسلمين أَو المتوقعة عَلَيْهِم من غَيرهم وَذَلِكَ إِمَّا أَن يكون بمواطأه ضَعِيف النِّيَّة فِي الْإِسْلَام بالكفار أَو برد الْكَافِر عَمَّا يُرِيد من المكيدة بِالْمَالِ، وَيجمع ذَلِك اسْم الْمُؤَلّفَة قُلُوبهم، أَو المشاجرات بَين الْمُسلمين، وَهُوَ الْغَارِم فِي حمالَة يتحملها، وَكَيْفِيَّة التَّقْسِيم عَلَيْهِم وَأَنه بِمن يبْدَأ وَكم يعْطى؟ مفوض إِلَى رَأْي الإِمَام.
وَعَن ابْن عَبَّاس يعْتق من زَكَاة مَاله وَيُعْطِي فِي الْحَج، وَعَن الْحسن مثله ثمَّ تَلا {إِنَّمَا الصَّدقَات للْفُقَرَاء} فِي أَيهَا أَعْطَيْت أَجْزَأت، وَعَن أبي الآس حملنَا النَّبِي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ على إبل الصَّدَقَة لِلْحَجِّ.
وَفِي الصَّحِيح " وَأما خَالِد فأنكم تظْلمُونَ خَالِدا وَقد احْتبسَ أدراعه وأعتده فِي سَبِيل الله " وَفِيه شيئآن: