ربه فَقَالَ: " نَحن الْآخرُونَ السَّابِقُونَ يَوْم الْقِيَامَة " يعْنى فِي دُخُول الْجنَّة أَو الْعرض لِلْحسابِ " بيد أَنهم أُوتُوا الْكتاب من قبلنَا، وأوتيناه من بعدهمْ " يَعْنِي غير هَذِه الْخصْلَة فَإِن الْيَهُود. وَالنَّصَارَى تقدمُوا فِيهَا " ثمَّ هَذَا يومهم الَّذِي فرض عَلَيْهِم " يَعْنِي الْفَرد الْمُنْتَشِر الصَّادِق بِالْجمعَةِ فِي حَقنا وبالسبت. والأحد فِي حَقهم " فَاخْتَلَفُوا فِيهِ مهدانا الله لَهُ " أَي لهَذَا الْيَوْم كَمَا هُوَ عِنْد الله، وَبِالْجُمْلَةِ فَتلك فَضِيلَة خص الله بهَا هَذِه الْأمة، وَالْيَهُود. وَالنَّصَارَى لم يفتهم أصل مَا يَنْبَغِي من التشريع، وَكَذَلِكَ الشَّرَائِع السماوية لَا تخطئ قوانين التشريع وَإِن امتاز بَعْضهَا بفضلية زَائِدَة.
ونوه صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِهَذِهِ السَّاعَة، وَعظم شَأْنهَا فَقَالَ " لَا يُوَافِقهَا مُسلم يسْأَل الله فِيهَا خيرا إِلَّا أعطَاهُ إِيَّاه ". ثمَّ اخْتلفت الرِّوَايَة فِي تَعْيِينهَا فَقيل: هِيَ مَا بَين أَن يجلس الإِمَام إِلَى أَن تقضى الصَّلَاة لِأَنَّهَا سَاعَة تفتح فِيهَا أَبْوَاب السَّمَاء، وَيكون الْمُؤْمِنُونَ فِيهَا راغبين إِلَى الله، فقد أجتمع فِيهَا بَرَكَات السَّمَاء وَالْأَرْض.
وَقيل بعد الْعَصْر ألى غيبوبة الشَّمْس لِأَنَّهَا وَقت نزُول الْقَضَاء، وَفِي بعض الْكتب الإلهية إِن فِيهَا خلق آدم، وَعِنْدِي أَن الْكل بَيَان أقرب مَظَنَّة، وَلَيْسَ بِتَعْيِين.
ثمَّ مست الْحَاجة إِلَى بَيَان وُجُوبهَا والتأكيد فِيهِ، فَقَالَ النَّبِي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ " لينتهين أَقوام عَن ودعهم الْجُمُعَات، أَو ليختمن الله على قُلُوبهم،
ثمَّ لَيَكُونن من الغافلين ". أَقُول هَذَا إِشَارَة إِلَى أَن تَركهَا يفتح بَاب التهاون، وَبِه يستحوذ الشَّيْطَان.
وَقَالَ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: " تجب الْجُمُعَة على كل مُسلم إِلَّا امْرَأَة أَو صبي أَو مَمْلُوك " وَقَالَ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: " الْجُمُعَة على من سمع النداء " أَقُول: هَذَا رِعَايَة للعدل بَين الإفراط والتفريط، وَتَخْفِيف لِذَوي الاعذار، وَالَّذين يشق عَلَيْهِم الْوُصُول إِلَيْهَا، أَو يكون فِي حضورهم فتْنَة.
وَإِلَى اسْتِحْبَاب التَّنْظِيف وبالغسل والسواك والتطيب وَلبس الثِّيَاب لِأَنَّهَا من مكملات الطَّهَارَة، فيتضاعف التَّنْبِيه لخلة النَّظَافَة، وَهُوَ قَوْله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: " لَوْلَا أَن اشق على أمتِي لأمرتهم بِالسِّوَاكِ " وَلِأَنَّهُ لَا بُد لَهُم من يَوْم يغتسلون فِيهِ، ويتطيبون لِأَن ذَلِك من محَاسِن ارتفاقات بني آدم، وَلما لم يَتَيَسَّر كل يَوْم أَمر بذلك يَوْم الْجُمُعَة لِأَن التَّوْقِيت يحض عَلَيْهِ، ويكمل الصَّلَاة، وَهُوَ قَوْله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: " حق على كل مُسلم أَن يغْتَسل فِي كل سَبْعَة أَيَّام يَوْمًا يغسل فِيهِ