رحمتك، وأحي بلدك الْمَيِّت " وَمِنْه أَيْضا " اللَّهُمَّ اسقنا غيثا مغيثا مريئا مريعا نَافِعًا غير ضار عَاجلا غير آجل ".

وَمِنْهَا صَلَاة الْعِيدَيْنِ، وسيأتيك بيانهما.

وَمِمَّا يُنَاسِبهَا سُجُود الشُّكْر عِنْد مَجِيء أَمر يسره أَو اندفاع نقمة، أَو عِنْد علمه بِأحد الْأَمريْنِ، لِأَن الشُّكْر فعل الْقلب، وَلَا بُد لَهُ من شبح فِي الظَّاهِر، ليعتضد بِهِ، وَلِأَن للنعم بطرا، فيعالج بالتذلل للمنعم.

فَهَذِهِ هِيَ الصَّلَوَات الَّتِي سنّهَا رَسُول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لستمدي

الْإِحْسَان والسبق من أمته زِيَادَة على الْوَاجِب المحتوم على خاصتهم وعامتهم.

ثمَّ الصَّلَاة خير مَوْضُوع فَمن اسْتَطَاعَ أَن يستكثر مِنْهَا فَلْيفْعَل غير أَنه نهى عَن خَمْسَة أَوْقَات: ثَلَاثَة مِنْهَا أوكد نهيا عَن الباقيين، وَحَتَّى السَّاعَات الثَّلَاث إِذا طلعت الشَّمْس بازغة حَتَّى ترْتَفع، وَحين يقوم قَائِم الظهيرة حَتَّى تميل، وَحين تتضيف للغروب حَتَّى تغرب، لِأَنَّهَا أَوْقَات صَلَاة الْمَجُوس، وهم قوم حرفوا الدّين جعلُوا يعْبدُونَ الشَّمْس من دون الله، واستحوذ عَلَيْهِم الشَّيْطَان، وَهَذَا معنى قَوْله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: " فَإِنَّهَا تطلع حِين تطلع بَين قَرْني الشَّيْطَان " وَحِينَئِذٍ يسْجد لَهَا الْكفَّار، فَوَجَبَ أَن يُمَيّز مِلَّة الْإِسْلَام وملة الْكفْر فِي أعظم الطَّاعَات من جِهَة الْوَقْت أَيْضا.

وَأما الْآخرَانِ فَقَوله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: " لَا صَلَاة بعد الصُّبْح حَتَّى تبزغ الشَّمْس وَلَا بعد الْعَصْر حَتَّى تغرب ".

أَقُول: إِنَّمَا نهى عَنْهُمَا لِأَن الصَّلَاة فيهمَا تفتح بَاب الصَّلَاة فِي السَّاعَات الثَّلَاث، وَلذَلِك صلى فيهمَا النَّبِي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ تَارَة أَنه مَأْمُون أَن يهجم عَلَيْهِ الْمَكْرُوه، وروى اسْتثِْنَاء نصف النَّهَار يَوْم الْجُمُعَة، واستنبط جَوَازهَا فِي الْأَوْقَات الثَّلَاث فِي الْمَسْجِد الْحَرَام من حَدِيث " يَا بني عبد منَاف من ولي مِنْكُم من أَمر النَّاس شَيْئا فَلَا يمنعن أحدا طَاف بِهَذَا الْبَيْت، وَصلى أَي سَاعَة شَاءَ من ليل أَو نَهَار " وعَلى هَذَا فالسر فِي ذَلِك أَنَّهُمَا وَقت ظُهُور شَعَائِر الدّين ومكانه فعارضا الْمَانِع فِي الصَّلَاة.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015