الْعُمر، وَأَعُوذ بك من فتْنَة الدُّنْيَا وَعَذَاب الْقَبْر وَثَلَاث وَثَلَاثُونَ تَسْبِيحَة، وَثَلَاث وَثَلَاثُونَ تَحْمِيدَة. وَأَرْبع وَثَلَاثُونَ تَكْبِيرَة. وروى من كل ثَلَاث وَثَلَاثُونَ وَتَمام الْمِائَة لَا إِلَه إِلَّا الله وَحده لَا شريك لَهُ الخ، وَرُوِيَ من كل خمس وَعِشْرُونَ، وَالرَّابِع لَا إِلَه إِلَّا الله، ويروى يسبحون فِي دبر كل صَلَاة عشرا، ويحمدون عشرا، وَيُكَبِّرُونَ عشرا؛ وَرُوِيَ من كل مائَة، والأدعية كلهَا بِمَنْزِلَة أحرف الْقُرْآن، من من قَرَأَ مِنْهَا شَيْئا فَازَ بالثواب الْمَوْعُود. وَالْأولَى أَن يَأْتِي بِهَذِهِ الْأَذْكَار قبل الرَّوَاتِب فَإِنَّهُ جَاءَ فِي بعض الْأَذْكَار
مَا يدل على ذَلِك نصا كَقَوْلِه: من قَالَ - قبل أَن ينْصَرف، ويثني رجلَيْهِ من صَلَاة الْمغرب وَالصُّبْح لَا إِلَه إِلَّا الله الخ، وكقول الرَّاوِي كَانَ إِذا سلم من صلَاته يَقُول بِصَوْتِهِ الْأَعْلَى: لَا إِلَه إِلَّا الله الخ، قَالَ ابْن عَبَّاس: كنت أعرف انْقِضَاء صَلَاة رَسُول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِالتَّكْبِيرِ، وَفِي بَعْضهَا مَا يدل ظَاهرا كَقَوْلِه " دبر كل صَلَاة "، وَأما قَول عَائِشَة: كَانَ إِذا سلم لَا يقْعد إِلَّا مِقْدَار مَا يَقُول: اللَّهُمَّ أَنْت السَّلَام فيتحمل وُجُوهًا، مِنْهَا أَنه كَانَ لَا يقْعد بهيئة الصَّلَاة إِلَّا هَذَا الْقدر، وَلكنه كَانَ يتيامن، أَو يتياسر، أَو يقبل على الْقَوْم بِوَجْهِهِ، فَيَأْتِي بالأذكار؛ لِئَلَّا يظنّ الظَّان أَن الْأَذْكَار من الصَّلَاة، وَمِنْهَا أَنه كَانَ حينا بعد حِين يتْرك الْأَذْكَار غير هَذِه الْكَلِمَات يعلمهُمْ أَنَّهَا لَيست فَرِيضَة، وَإِنَّمَا مُقْتَضى كَانَ وجود هَذَا الْفِعْل كثير لَا مرّة وَلَا مرَّتَيْنِ وَلَا الْمُوَاظبَة.
وَالْأَصْل فِي الرَّوَاتِب أَن يَأْتِي بهَا فِي بَيته، والسر فِي ذَلِك كُله أَن يطع الْفَصْل بَين الْفَرْض والنوافل بِمَا لَيْسَ من جنسهما، وَأَن يكون فصلا معتدا بِهِ يدْرك ببادئ الرَّأْي، وَهُوَ قَول عمر رَضِي الله عَنهُ لمن أَرَادَ أَن يشفع بعد الْمَكْتُوبَة: " اجْلِسْ فَإِنَّهُ لم يهْلك أهل الْكتاب إِلَّا أَنه لم يكن بَين صلواتهم فصل، فَقَالَ النَّبِي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أصَاب الله بك يَا ابْن الْخطاب "، وَقَوله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: " اجْعَلُوهَا فِي بُيُوتكُمْ " وَالله أعلم.