وَمِنْهَا الِاحْتِرَاز عَن تشويش الْعباد وهيشات الْأَسْوَاق وَهُوَ قَوْله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: " أمسك بنصالها ".
قَوْله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: " من سمع رجلا ينشد ضَالَّة فِي الْمَسْجِد فَلْيقل لَا ردهَا الله إِلَيْك فان الْمَسَاجِد لم تبن لهَذَا " قَوْله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: " إِذا رَأَيْتُمْ من
يَبِيع أَو يبْتَاع فِي الْمَسْجِد فَقولُوا لَا أربح الله تجارتك " وَنهى عَن تناشد الْأَشْعَار فِي الْمَسْجِد، وَأَن يستقاد فِي الْمَسْجِد، وَأَن تُقَام فِيهِ الْحُدُود.
أَقُول أما نَشد الضَّالة أَي رفع الصَّوْت بطلبها فَلِأَنَّهُ صخب ولغط يشوش على الْمُصَلِّين والمعتكفين، وَيسْتَحب أَن يُنكر عَلَيْهِ بِالدُّعَاءِ بِخِلَاف مَا يَطْلُبهُ إرغاما لَهُ، وَعلله النَّبِي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِأَن الْمَسَاجِد لم تبن لهَذَا أَي إِنَّمَا بنيت للذّكر وَالصَّلَاة، وَأما الشِّرَاء وَالْبيع فلئلا يصير الْمَسْجِد سوقا يتعامل فِيهِ النَّاس، فتذهب حرمته وَيحصل التشويش على الْمُصَلِّين والمعتكفين، وَأما تناشد الْأَشْعَار - فَلَمَّا ذكرنَا - وَلِأَن فِيهِ إعْرَاضًا عَن الذّكر وحثا على الْأَعْرَاض عَنهُ، وَأما الْقود وَالْحُدُود فَلِأَنَّهَا مَظَنَّة للألواث والجزع والبكاء والصخب والتشويش على أهل الْمَسْجِد، ويخص من الْأَشْعَار مَا كَانَ فِيهِ الذّكر ومدح النَّبِي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وغيظ الْكفَّار لِأَنَّهُ غَرَض شَرْعِي، وَهُوَ قَوْله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لحسان: " اللَّهُمَّ أيده بِروح الْقُدس ".
قَوْله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: " إِنِّي لَا أحل الْمَسْجِد لحائض وَلَا جنب ".
أَقُول السَّبَب فِي ذَلِك تَعْظِيم الْمَسْجِد فَإِن أعظم التَّعْظِيم أَلا يقربهُ إِنْسَان إِلَّا بِطَهَارَة، وَكَانَ فِي منع دُخُول الْمُحدث حرج عَظِيم، وَلَا حرج فِي الْجنب وَالْحَائِض، ولانهما أبعد النَّاس عَن الصَّلَاة، وَالْمَسْجِد إِنَّمَا بنى لَهَا.
قَوْله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: " من أكل هَذِه الشَّجَرَة المنتنة، فَلَا يقربن مَسْجِدنَا فَإِن الْمَلَائِكَة تتأذى مِمَّا يتَأَذَّى مِنْهُ الْأنس ".
أَقُول هِيَ البصل أَو الثوم، وَفِي مَعْنَاهُ كل منتن، وَمعنى تتأذى تكره وتتنفر لِأَنَّهَا تحب محَاسِن الْأَخْلَاق والطيبات، وَتكره أضدادها.
قَوْله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: " إِذا دخل أحدكُم الْمَسْجِد فَلْيقل اللَّهُمَّ افْتَحْ لي أَبْوَاب رحمتك، فَإِذا خرج فَلْيقل اللَّهُمَّ إِنِّي أَسأَلك من فضلك ".
أَقُول الْحِكْمَة فِي تَخْصِيص الدَّاخِل بِالرَّحْمَةِ وَالْخَارِج بِالْفَضْلِ أَن الرَّحْمَة فِي كتاب