وَاخْتلفُوا فِي حرف وَاحِد يُؤَخر غسل الْقَدَمَيْنِ أَولا؟ وَقيل بِالْفرقِ بَين مَا إِذا كَانَ فِي مستنقع من الأَرْض وَمَا إِذا لم يكن كَذَلِك.
أما غسل الْيَدَيْنِ فَلَمَّا مر الْوضُوء.
وَأما غسل الْفرج فلئلا تتكثر النَّجَاسَة بإسالة المَاء عَلَيْهَا، فيعسر غسلهَا وَيحْتَاج إِلَى مَاء كثير، وَأَيْضًا لَا يصفو الْغسْل لطهارة الْحَدث. وَأما الْوضُوء فَلِأَن من حق الطَّهَارَة الْكُبْرَى أَن تشْتَمل على الطَّهَارَة الصُّغْرَى وَزِيَادَة ليتضاعف تنبه النَّفس لخلة الطَّهَارَة، وَأَيْضًا فالوضوء فِي الْغسْل من بَاب تعهد المغابن فَإِنَّهُ إِذا أَفَاضَ على رَأسه المَاء لَا يستوعب الْأَطْرَاف إِلَّا بتعهد واعتناء.
وَأما تَأْخِير غسل الْقَدَمَيْنِ فلئلا يتَكَرَّر غسلهمَا بِلَا فَائِدَة اللَّهُمَّ إِلَّا الْمُحَافظَة على صُورَة الْوضُوء، ثمَّ كمل الْغسْل بالندب إِلَى التَّثْلِيث والدلك وتعهد المغابن وتأكيد السّتْر.
قَوْله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: " إِن الله حييّ ستير " تَفْسِيره قَوْله: " يحب الْحيَاء والستر " والستر من أعين النَّاس وَاجِب، وَكَونه بِحَيْثُ لَو هجم إِنْسَان بِالْوَجْهِ الْمُعْتَاد لم ير عَوْرَته مُسْتَحبّ.
قَوْله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: " خذي فرْصَة من مسك فتطهري بهَا " يَعْنِي تتبعي بهَا أثر الدَّم أَقُول إِنَّمَا أَمر الْحَائِض بالفرصة الممسكة لمعان مِنْهَا زِيَادَة الطَّهَارَة إِذْ الطّيب يفعل فعل الطَّهَارَة، وَإِنَّمَا لم يسن فِي سَائِر الْأَوْقَات احْتِرَازًا عَن الْحَرج.
وَمِنْهَا إِزَالَة الرَّائِحَة الكريهة الَّتِي لَا يَخْلُو عَنْهَا الْحيض.
وَمِنْهَا انْقِضَاء الْحيض والشروع فِي الطُّهْر وَقت ابْتِغَاء الْوَلَد وَالطّيب يهيج تِلْكَ الْقُوَّة.
وَاخْتَارَ الصَّاع إِلَى خَمْسَة أَمْدَاد للْغسْل، وَالْمدّ للْوُضُوء لِأَن ذَلِك مِقْدَار صَالح فِي الْأَجْسَام المتوسطة،
قَالَ النَّبِي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: " تَحت كل شَعْرَة جَنَابَة فَاغْسِلُوا الشّعْر وانقوا الْبشرَة: وَقَوله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: " من ترك مَوضِع شَعْرَة من الْجَنَابَة لم يغسلهَا فعل بهَا كَذَا وَكَذَا ": سر ذَلِك مثل مَا ذَكرْنَاهُ فِي اسْتِيعَاب الْوضُوء من أَنه تَحْقِيق لِمَعْنى الْغسْل، وَأَن الْبَقَاء