على ظَاهر السّنة، وَمَا هُوَ بِمَنْزِلَة الظَّاهِر من الْإِيمَاء والاقتضاء والفحوى، وَألا يمعن جدا أَلا يقتحم فِي الِاجْتِهَاد حَتَّى يضْطَر إِلَيْهِ، وَتَقَع الْحَادِثَة فَإِن الله يفتح عِنْد ذَلِك الْعلم عناية مِنْهُ بِالنَّاسِ، وَأما تهيئته من قبل فمظنة الغلظ.

قَوْله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: " من قَالَ فِي الْقُرْآن بِرَأْيهِ، فَليَتَبَوَّأ مَقْعَده فِي النَّار " - أَقُول: يحرم الْخَوْض فِي التَّفْسِير لمن لَا يعرف اللِّسَان الَّذِي نزل الْقُرْآن بِهِ والمأثور عَن النَّبِي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَأَصْحَابه وَالتَّابِعِينَ من شرح غَرِيب وَسبب نزُول وناسخ ومنسوخ.

قَوْله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: " المراء فِي الْقُرْآن كفر " أَقُول: يحرم الْجِدَال فِي الْقُرْآن وَهُوَ أَن يرد الحكم الْمَنْصُوص بِشُبْهَة يجدهَا فِي نَفسه:

قَوْله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: " إِنَّمَا هلك من كَانَ قبلكُمْ بِهَذَا ضربوا كتاب الله بعضه بِبَعْض " أَقُول: يحرم التدارؤ بِالْقُرْآنِ، وَهُوَ أَن يسْتَدلّ وَاحِد بِآيَة، فَيردهُ آخر بِآيَة أُخْرَى طلبا لإِثْبَات مَذْهَب نَفسه، وَهدم وضع صَاحبه، أَو ذَهَابًا إِلَى نصْرَة مَذْهَب بعض الْأَئِمَّة على مَذْهَب بعض، وَلَا يكون جَامع الهمة على ظُهُور الصَّوَاب والتدارؤ بِالسنةِ مثل ذَلِك.

قَوْله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: " لكل آيَة مِنْهَا ظهر وبطن وَلكُل حد مطلع " أَقُول أَكثر مَا فِي الْقُرْآن بَيَان صِفَات الله تَعَالَى وآياته، وَالْأَحْكَام والقصص والاحتجاج على الْكفَّار وَالْمَوْعِظَة بِالْجنَّةِ وَالنَّار - فالظهر - الْإِحَاطَة بِنَفس مَا سيق الْكَلَام لَهُ والبطن فِي آيَات الصفاء التفكر فِي آلَاء الله والمراقبة، وَفِي آيَات الْأَحْكَام الاستنباط بِالْإِيمَاءِ وَالْإِشَارَة والفحوى والاقتضاء كاستنباط عَليّ رَضِي الله عَنهُ من قَوْله تَعَالَى:

{وَحمله وفصاله ثَلَاثُونَ شهرا} .

إِن هَذِه مُدَّة الْحمل قد تكون سِتَّة أشهر لقَوْله:

{حَوْلَيْنِ كَامِلين}

وَفِي الْقَصَص معرفَة منَاط الثَّوَاب والمدح أَو الْعَذَاب أَو الذَّم، وَفِي العظة رقة الْقلب وَظُهُور الْخَوْف والرجاء وأمثال ذَلِك ومطلع كل حد الاستعداد الَّذِي بِهِ يحصل كمعرفة اللِّسَان والْآثَار وكلطف الذِّهْن واستقامة الْفَهم.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015