أصلا وَأَن مُوجب الْأَمر هُوَ الْوُجُوب أَلْبَتَّة: وأمثال ذَلِك أصُول مخرجة على كَلَام الْأَئِمَّة، وَأَنه لَا تصح بهَا رِوَايَة عَن أبي حنيفَة وصاحبيه، وَأَنه لَيست الْمُحَافظَة عَلَيْهَا والتكلف فِي جَوَاب مَا يرد عَلَيْهِ من صنائع الْمُتَقَدِّمين فِي استنباطاتهم كَمَا يَفْعَله البزدوى وَغَيره أَحَق من الْمُحَافظَة على خلَافهَا وَالْجَوَاب عَمَّا يرد عَلَيْهِ. مِثَاله أَنهم أصلوا أَن الْخَاص مُبين فَلَا يلْحقهُ الْبَيَان، وخرجوه من صَنِيع الْأَوَائِل فِي قَوْله تَعَالَى:
{ارْكَعُوا واسجدوا} .
وَقَوله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: " لَا تُجزئ صَلَاة الرجل حَتَّى يُقيم ظَهره فِي الرُّكُوع وَالسُّجُود " حَيْثُ لم يَقُولُوا بفريضية الاطمئنان، وَلم يجْعَلُوا الحَدِيث بَيَانا لِلْآيَةِ، فورد عَلَيْهِم صنيعهم فِي قَوْله تَعَالَى:
{وامسحوا برءوسكم} .
ومسحه صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ على ناصيته حَيْثُ جَعَلُوهُ بَيَانا، وَقَوله تَعَالَى:
{الزَّانِيَة وَالزَّانِي فاجلدوا} .
وَقَوله تَعَالَى:
{السَّارِق والسارقة فَاقْطَعُوا} الْآيَة.
وَقَوله تَعَالَى:
{حَتَّى تنْكح زوجا غَيره} .
وَمَا لحقه من الْبَيَان بعد ذَلِك، فتكلفوا للجواب كَمَا هُوَ مَذْكُور فِي كتبهمْ، وَأَنَّهُمْ أصلوا أَن الْعَام قَطْعِيّ كالخاص، وخرجوه من صَنِيع الْأَوَائِل فِي قَوْله تَعَالَى:
{فاقرءوا مَا تيَسّر من الْقُرْآن} .
وَقَوله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: " لَا صَلَاة إِلَّا بِفَاتِحَة الْقُرْآن "، حَيْثُ لم يَجْعَلُوهُ مُخَصّصا، وَفِي قَوْله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: " فِيمَا سقت الْعُيُون الْعشْر " الحَدِيث، وَقَوله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: " لَيْسَ فِيمَا دون خَمْسَة أَوَاقٍ صَدَقَة "، حَيْثُ لم يخصوه بِهِ وَنَحْو ذَلِك من الْموَاد، ثمَّ ورد عَلَيْهِم قَوْله تَعَالَى:
{فَمَا اسْتَيْسَرَ من الْهَدْي} .
وَإِنَّمَا هُوَ الشَّاة فَمَا فَوْقه بِبَيَان النَّبِي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فتكلفوا فِي الْجَواب، وَكَذَلِكَ أصلوا أَن لَا عِبْرَة بِمَفْهُوم الشَّرْط وَالْوَصْف وخرجوه من صنيعهم فِي قَوْله