أَيْ مَسَائِلِ الِاعْتِقَادِ كَحُدُوثِ الْعَالَمِ وَوُجُودِ الْبَارِي وَمَا يَجِبُ لَهُ وَيَمْتَنِعُ عَلَيْهِ مِنْ الصِّفَاتِ وَغَيْرِ ذَلِكَ مِمَّا سَيَأْتِي فَقَالَ كَثِيرٌ مِنْهُمْ، وَرَجَّحَهُ الْإِمَامُ الرَّازِيّ وَالْآمِدِيُّ لَا يَجُوزُ بَلْ يَجِبُ النَّظَرُ
ـــــــــــــــــــــــــــــQلَهُ تَبَعَ الدَّابَّةِ لِقَائِدِهَا، وَلِذَلِكَ قِيلَ لَا فَرْقَ بَيْنَ مُقَلِّدٍ يَنْقَادُ وَبَهِيمَةٍ تُقَادُ، وَأَمَّا التَّلَامِذَةُ فَإِنَّهُمْ بَعْدَ إرْشَادِ الْمَشَايِخِ لَهُمْ إلَى الْأَدِلَّةِ مِنْ الْعَارِفِينَ وَضَرَبَ السَّنُوسِيُّ فِي شَرْحِ الْجَزَائِرِيَّةِ مِثَالًا لِلْفَرْقِ بَيْنَهُمْ وَبَيْنَ الْمُقَلِّدِينَ بِجَمَاعَةٍ نَظَرُوا لِلْهِلَالِ فَسَبَقَ بَعْضُهُمْ إلَى رُؤْيَتِهِ فَإِنْ أَخْبَرَ الْبَاقِي وَصَدَّقُوهُ مِنْ غَيْرِ مُعَانَاةٍ وَتَطَلُّعٍ لَهُ كَانُوا مُقَلِّدِينَ وَإِنْ أَرْشَدَهُمْ بِالْعَلَامَاتِ حَتَّى عَثَرُوا عَلَيْهِ خَرَجُوا عَنْ التَّقْلِيدِ أَلَا تَرَى أَنَّ الْأُولَى إذَا سَأَلَتْ عَنْ الْهِلَالِ كَانَ جَوَابُهَا قَالُوا إنَّهُ ظَهَرَ.
وَأَمَّا الثَّانِيَةُ فَتَقُولُ رَأَيْته بِعَيْنَيَّ فِي مَكَانِ كَذَا وَتَذْكُرُ الْعَلَامَاتِ وَأُصُولُ الدِّينِ قَوَاعِدُهُ وَهِيَ الْمَسَائِلُ الْكَلَامِيَّةُ لِابْتِنَاءِ مَا بَقِيَ مِنْ مَسَائِلِ الدِّينِ عَلَيْهَا قَالَ شَيْخُ الْإِسْلَامِ، وَلَمْ يُرَجِّحْ الْمُصَنِّفُ مِنْ الْخِلَافِ فِي التَّقْلِيدِ فِيهِ شَيْئًا لَكِنْ قَضِيَّةُ كَلَامِهِ فِيمَا مَرَّ فِي مَسْأَلَةِ التَّقْلِيدِ تَرْجِيحُ قَوْلِهِ وَقِيلَ النَّظَرُ فِيهِ حَرَامٌ فَيَكُونُ الرَّاجِحُ عِنْدَهُ وُجُوبُ التَّقْلِيدِ فِيهِ انْتَهَى، وَمَا فِي شَرْحِ الْكُبْرَى نَقْلًا عَنْ الْقَاضِي أَنَّ التَّقْلِيدَ مُحَالٌ؛ لِأَنَّهُ إنْ أَمَرَ بِتَقْلِيدِ مَنْ شَاءَ لَزِمَ نَجَاتُهُ بِتَقْلِيدِ الضَّالِّينَ وَإِنْ أَمَرَ بِتَقْلِيدِ الْمُحَقِّقِينَ فَإِمَّا بِدُونِ دَلِيلٍ يَعْلَمُ بِهِ حَقِيقَتَهُمْ فَهُوَ تَكْلِيفٌ بِمَا لَا يُطَاقُ أَوْ بِدَلِيلٍ فَلَا يَكُونُ مُقَلِّدًا فَمُنْدَفِعٌ إذْ يَتَّفِقُ تَقْلِيدُ الْمُحَقِّقِ لِمُجَرَّدِ حُسْنِ ظَنٍّ بِهِ، وَهُوَ فِي ذَلِكَ لَمْ يَخْرُجْ عَنْ التَّقْلِيدِ فَهُوَ مُقَلِّدٌ فِيمَنْ قَلَّدَهُ أَيْضًا.
وَهَذَا وَاقِعٌ كَثِيرًا حَتَّى فِيمَنْ نُسِبَ إلَى الْعِلْمِ فَإِنَّا نَجِدُ مِنْهُمْ مَنْ يَتَمَسَّكُ بِكَلَامٍ لَا أَصْلَ لَهُ لِحُسْنِ ظَنٍّ بِقَائِلِهِ وَشُهْرَتِهِ فِي الْعِلْمِ حَتَّى لَوْ بَرْهَنَ لَهُ عَلَى بُطْلَانِهِ أَوْ أَتَى لَهُ بِنَقْلٍ يُخَالِفُهُ عَنْ إمَامٍ مُحَقِّقٍ فِي هَذَا الْفَنِّ، إمَّا أَنْ لَا يَرْجِعَ أَصْلًا أَوْ يَرْجِعَ ظَاهِرًا أَوْ يَعْتَذِرَ بِأَنَّ الشَّيْخَ لَهُ اطِّلَاعٌ كَثِيرٌ فَهُوَ أَدْرَى وَمَا دَرَى الْغَبِيُّ أَنَّ هَذَا الشَّيْخَ لَيْسَ مَعْصُومًا عَنْ الْغَلَطِ وَالسَّهْوِ وَأَمْثَالُ هَذَا كَثِيرٌ (قَوْلُهُ: أَيْ مَسَائِلُ الِاعْتِقَادِ) وَهِيَ الْقَضَايَا الْمُعْتَقَدَةُ فَتَمْثِيلُ الشَّارِحِ لَهَا بِقَوْلِهِ كَحُدُوثِ الْعَالَمِ فِيهِ تَسَمُّحٌ؛ لِأَنَّ مَا ذَكَرَهُ مِنْ الْحُدُوثِ وَمَا بَعْدَهُ يَقَعُ مَحْمُولًا فِي هَذِهِ الْمَسَائِلِ، كَأَنْ يُقَالَ الْعَالَمُ حَادِثٌ إلَخْ وَالْمُرَادُ كَحُدُوثِ الْعَالَمِ مِنْ حَيْثُ إثْبَاتُهُ أَوْ يُقَدَّرُ مُضَافٌ أَيْ كَثُبُوتِ حُدُوثِ الْعَالَمِ وَهُوَ أَصْلٌ عَظِيمٌ مِنْ الْمَسَائِلِ الْكَلَامِيَّةِ بَلْ هُوَ فِي الْحَقِيقَةِ أَصْلٌ لَهَا كُلِّهَا؛ لِأَنَّهُ يُتَوَصَّلُ بِهِ إلَى إثْبَاتِ الْوَاجِبِ تَعَالَى وَتَقَدَّسَ وَإِثْبَاتِ النُّبُوَّاتِ وَبَقِيَّةِ الْعَقَائِدِ وَلِشَرَافَةِ هَذَا الْأَصْلِ اعْتَنَتْ الْمُحَقِّقُونَ بِإِفْرَادِهِ بِالتَّأْلِيفِ، وَكَثُرَ فِيهِ الْجِدَالُ وَالنِّزَاعُ بَيْنَ الْمُتَكَلِّمِينَ وَالْفَلَاسِفَةِ فَصَارَ بِسَبَبِ ذَلِكَ مِنْ جُمْلَةِ غَوَامِضِ عِلْمِ الْكَلَامِ وَأَكْثَرُ مَنْ أَلَّفَ فِي هَذَا الْفَنِّ يُصَدِّرُ كِتَابَهُ بِمَسْأَلَةِ حُدُوثِ الْعَالَمِ كَمَتْنِ عَقَائِدِ النَّسَفِيِّ وَمَتْنِ عَقَائِدِ الْعَضُدِ (قَوْلُهُ: وَغَيْرُ ذَلِكَ) أَيْ مِمَّا يَتَعَلَّقُ بِمَبَاحِث النُّبُوَّةِ، وَقَدْ سَلَكَ الشَّارِحُ مَسْلَكًا لَطِيفًا فِي الْعَطْفِ يُعْلَمُ سِرُّهُ مِمَّا قَرَرْنَاهُ فِي كَوْنِ حُدُوثِ الْعَالَمِ أَصْلًا عَظِيمًا (قَوْلُهُ: فَقَالَ كَثِيرٌ مِنْهُمْ إلَخْ) تَفْصِيلٌ لِلِاخْتِلَافِ (قَوْلُهُ: بَلْ يَجِبُ النَّظَرُ) أَيْ وُجُوبًا شَرْعِيًّا لَا عَقْلِيًّا خِلَافًا لِلْمُعْتَزِلَةِ وَاحْتَجَّتْ الْمُعْتَزِلَةُ عَلَى أَنَّ وُجُوبَ النَّظَرِ فِي الْمُعْجِزَةِ وَالْمَعْرِفَةِ وَسَائِرِ مَا يُؤَدِّي إلَى