(الْكِتَابُ السَّادِسُ فِي التَّعَادُلِ وَالتَّرَاجِيحِ) بَيْنَ الْأَدِلَّةِ عِنْدَ تَعَارُضِهَا (يَمْتَنِعُ تَعَادُلُ الْقَاطِعَيْنِ) أَيْ تَقَابُلُهُمَا بِأَنْ يَدُلَّ كُلٌّ مِنْهُمَا عَلَى مُنَافِي مَا يَدُلُّ عَلَيْهِ الْآخَرُ إذْ لَوْ جَازَ ذَلِكَ لَثَبَتَ مَدْلُولَاهُمَا فَيَجْتَمِعُ الْمُتَنَافِيَانِ فَلَا وُجُودَ لِقَاطِعَيْنِ مُتَنَافِيَيْنِ كَدَالٍّ عَلَى حُدُوثِ الْعَالَمِ وَدَالٍّ عَلَى قِدَمِهِ وَعَدَلَ عَنْ قَوْلِ ابْنِ الْحَاجِبِ تَقَابُلُ الدَّلِيلَيْنِ الْعَقْلِيَّيْنِ مُحَالٌ إلَى مَا قَالَهُ لِيُنَاسِبَ قَوْلَ تَعَادُلِ التَّرْجَمَةِ وَلِيَشْمَلَ قَوْلَ الْقَاطِعَيْنِ الْعَقْلِيَّيْنِ وَالنَّقْلِيَّيْنِ كَمَا صَرَّحَ بِهِمَا فِي شَرْحِ الْمِنْهَاجِ وَالْعَقْلِيُّ وَالنَّقْلِيُّ أَيْضًا وَالْكَلَامُ فِي النَّقْلِيَّيْنِ حِينَئِذٍ لَا يُنْسَخُ بَيْنَهُمَا وَلِبَاحِثٍ أَنْ يَقُولَ لَا بُعْدَ فِي أَنْ يَجْرِيَ فِيهِمَا الْخِلَافُ الْآتِي فِي الْأَمَارَتَيْنِ لِمَجِيءِ تَوْجِيهِهِ الْآتِي فِيهِمَا
(وَكَذَا) يُمْتَنَعُ تَعَادُلُ (الْأَمَارَتَيْنِ) أَيْ تَقَابُلُهُمَا مِنْ غَيْرِ مُرَجِّحٍ لِإِحْدَاهُمَا (فِي نَفْسِ الْأَمْرِ عَلَى الصَّحِيحِ)
ـــــــــــــــــــــــــــــQ [الْكِتَابُ السَّادِسُ فِي التَّعَادُلِ وَالتَّرَاجِيحِ]
(قَوْلُهُ: فِي التَّعَادُلِ) أَفْرَدَهُ لِأَنَّهُ نَوْعٌ وَاحِدٌ وَجَمَعَ الثَّانِيَ لِأَنَّهُ أَنْوَاعٌ (قَوْلُهُ: بَيْنَ الْأَدِلَّةِ) تَنَازَعَهُ تَعَادُلٌ وَتَرَاجِيحُ وَقَوْلُهُ عِنْدَ تَعَارُضِهَا ظَرْفٌ لِقَوْلِهِ وَالتَّرَاجِيحِ وَيَحْتَمِلُ التَّنَازُعَ وَالْمُرَادُ التَّعَارُضُ فِي اللَّفْظِ (قَوْلُهُ: إذْ لَوْ جَازَ ذَلِكَ لَثَبَتَ مَدْلُولُهُمَا) فِيهِ أَنَّ اللَّازِمَ عَلَى جَوَازِ التَّعَادُلِ جَوَازُ ثُبُوتِ الْمَدْلُولِ لَا نَفْسِ الثُّبُوتِ فَالْمُرَادُ لَجَازَ ثُبُوتُ مَدْلُولِهِمَا وَثُبُوتُ مَدْلُولِهِمَا مُحَالٌ وَمُسْتَلْزِمُ الْمُحَالِ مُحَالٌ أَوْ الْمُرَادُ لَوْ جَازَ ذَلِكَ جَوَازًا وُقُوعِيًّا أَيْ لَوْ أَمْكَنَ وَوَقَعَ وَعَلَى هَذَا فَقَوْلُهُ يَمْتَنِعُ تَعَادُلُ قَاطِعَيْنِ مَعْنَاهُ يَمْتَنِعُ وُقُوعُ ذَلِكَ اهـ. سم.
(قَوْلُهُ: كَدَالٍّ عَلَى حُدُوثِ الْعَالَمِ إلَخْ) الْمُرَادُ الدَّلَالَةُ فِي نَفْسِ الْأَمْرِ إذْ مِنْ الْمُحَالِ اجْتِمَاعُ الْحُدُوثِ وَالْقِدَمِ فِيهِ وَهَذَا لَا يُنَافِي الدَّلَالَةَ لَا بِحَسَبِ مَا يَعْتَقِدُهُ الْمُسْتَدِلُّ مِنْ حَقِيقَةِ مُقَدِّمَاتٍ قِيَاسِيَّةٍ كَدَلِيلِ أَهْلِ الْحَقِّ وَالْفَلَاسِفَةِ وَلِذَلِكَ اُعْتُبِرَ فِي مُقَدِّمَةِ الْقِيَاسِ تَسْلِيمُهَا لَا حَقِيقَتُهَا فِي نَفْسِ الْأَمْرِ تَأَمَّلْ (قَوْلُهُ: لِيُنَاسِبَ قَوْلُهُ تَعَادُلُ) مَرْفُوعٌ عَلَى أَنَّهُ فَاعِلُ يُنَاسِبُ وَالتَّرْجَمَةُ بِالنَّصْبِ مَفْعُولُهُ وَتَعَادُلُ مَحْكِيٌّ بِالْقَوْلِ وَكَذَا قَوْلُهُ الْقَاطِعَيْنِ وَالْعَقْلِيَّيْنِ مَفْعُولُ قَوْلِهِ يَشْمَلُ وَالنَّقْلِيَّيْنِ وَمَا بَعْدَهُ عَطْفٌ عَلَى الْعَقْلِيَّيْنِ.
(قَوْلُهُ: وَالْكَلَامُ) مُبْتَدَأٌ وَقَوْلُهُ حَيْثُ خَبَرٌ (قَوْلُهُ: وَلِبَاحِثٍ) أَيْ مَعَ الْمُصَنِّفِ وَتَصْوِيبُ مَا لِابْنِ الْحَاجِبِ (قَوْلُهُ: الْآتِي فِيهِمَا) أَيْ فِي النَّقْلَيْنِ الْقَاطِعَيْنِ حَيْثُ لَا نَسْخَ أَمَّا تَوْجِيهُ الْمَنْعِ فَظَاهِرٌ وَأَمَّا تَوْجِيهُ الْجَوَازِ فَلِأَنَّهُ لَا مَحْذُورَ فِي تَعَادُلِ الْقَاطِعَيْنِ بِنَاءً عَلَى مَذْهَبِ الْمُصَوِّبَةِ الْقَائِلِينَ بِأَنَّ الْحَقَّ فِي الْمَسَائِلِ الِاجْتِهَادِيَّةِ مُتَعَدِّدٌ بِتَعَدُّدِ الْمُجْتَهِدِينَ أَمَّا عَلَى غَيْرِ مَذْهَبِ الْمُصَوِّبَةِ فَلَا يَتَأَتَّى تَعَادُلُ الْقَاطِعَيْنِ النَّقْلِيَّيْنِ كَالْعَقْلِيَّيْنِ
(قَوْلُهُ: تَعَادُلُ الْأَمَارَتَيْنِ) لَمْ يَقُلْ تَعَادُلُ الظَّنِّيَّيْنِ لِأَنَّهُ كَمَا قَالَ