(وَكَذَا) يَدْخُلُ فِيهِ (انْتِفَاءُ الْحُكْمِ لِانْتِفَاءِ مُدْرَكِهِ) أَيْ الَّذِي بِهِ يُدْرَكُ وَهُوَ الدَّلِيلُ بِأَنْ لَمْ يَجِدْهُ الْمُجْتَهِدُ بَعْدَ الْفَحْصِ الشَّدِيدِ فَعَدَمُ وِجْدَانِهِ الْمُظَنُّ بِهِ انْتِفَاؤُهُ عَلَى انْتِفَاءِ الْحُكْمِ خِلَافًا لِلْأَكْثَرِ كَمَا سَيَأْتِي قَالُوا لَا يَلْزَمُ مِنْ عَدَمِ وِجْدَانِ الدَّلِيلِ انْتِفَاؤُهُ وَصُورَةُ ذَلِكَ (كَقَوْلِنَا) لِلْخَصْمِ فِي إبْطَالِ الْحُكْمِ الَّذِي ذَكَرَهُ فِي مَسْأَلَةٍ (الْحُكْمُ يَسْتَدْعِي دَلِيلًا وَإِلَّا لَزِمَ تَكْلِيفُ الْغَافِلِ) حَيْثُ وُجِدَ الْحُكْمُ بِدُونِ الدَّلِيلِ الْمُفِيدِ لَهُ (وَلَا دَلِيلَ) عَلَى حُكْمِك (بِالسَّبْرِ) فَإِنَّا سَيَّرْنَا الْأَدِلَّةَ فَلَمْ نَجِدْ مَا يَدُلُّ عَلَيْهِ (أَوْ الْأَصْلِ) فَإِنَّ الْأَصْلَ الْمُسْتَصْحَبَ عَدَمُ الدَّلِيلِ عَلَيْهِ فَيَنْتَفِي هُوَ أَيْضًا (وَكَذَا) يَدْخُلُ فِيهِ (قَوْلُهُمْ) أَيْ الْفُقَهَاءِ (وُجِدَ الْمُقْتَضِي أَوْ الْمَانِعُ أَوْ فُقِدَ الشَّرْطُ) فَهُوَ دَلِيلٌ عَلَى وُجُودِ الْحُكْمِ بِالنِّسْبَةِ إلَى الْأَوَّلِ وَعَلَى انْتِفَائِهِ بِالنِّسْبَةِ إلَى مَا بَعْدَهُ (خِلَافًا لِلْأَكْثَرِ) فِي قَوْلِهِمْ لَيْسَ بِدَلِيلٍ بَلْ دَعْوَى دَلِيلٍ

ـــــــــــــــــــــــــــــQقَوْلُهُ: وَكَذَا انْتِفَاءُ الْحُكْمِ لِانْتِفَاءِ مُدْرَكِهِ إلَخْ) الْأَوْلَى وَكَذَا انْتِفَاءُ مَدْرَكِ الْحُكْمِ لِأَنَّهُ الدَّلِيلُ الدَّاخِلُ فِي الِاسْتِدْلَالِ وَأَوْلَى مِنْهُمَا عَدَمُ وِجْدَانِ مَدْرَكِ الْحُكْمِ وَالْمَدْرَكُ مَكَانُ الْإِدْرَاكِ لِأَنَّ الدَّلِيلَ مَحَلُّ إدْرَاكِ الْحُكْمِ وَظَاهِرُ كَلَامِ الشَّارِحِ أَنَّهُ اسْمُ آلَةٍ وَهُوَ صَحِيحٌ أَيْضًا نَظَرًا لِلْمَعْنَى وَفِي سم قَالَ شَيْخُنَا الشِّهَابُ هَذَا مُخَالِفٌ لِمَا صَرَّحَ بِهِ فِي مَبْحَثِ الْعَكْسِ مِنْ الْقَوَادِحِ مِنْ أَنَّا نَعْنِي بِانْتِفَاءِ الْحُكْمِ لَا انْتِفَاءِ عِلَّتِهِ انْتِفَاءَ الْعِلْمِ أَوْ الظَّنِّ بِهِ لَا انْتِفَاؤُهُ إذْ لَا يَلْزَمُ مِنْ انْتِفَاءِ الدَّلِيلِ انْتِفَاءُ الْمَدْلُولِ وَأَقُولُ لَا نُسَلِّمُ الْمُخَالَفَةَ لِأَنَّ الَّذِي نَفَاهُ هُنَاكَ كَوْنُ انْتِفَاءِ الدَّلِيلِ مُسْتَلْزِمًا لِانْتِفَاءِ الْمَدْلُولِ وَهَذَا لَا يُنَافِي أَنَّ انْتِفَاءَ الدَّلِيلِ يَدُلُّ دَلَالَةً ظَنِّيَّةً عَلَى انْتِفَاءِ الْمَدْلُولِ وَإِنْ لَمْ يَسْتَلْزِمْهُ وَهَذَا هُوَ الْمَذْكُورُ هُنَا.

(قَوْلُهُ: فَعَدَمُ وِجْدَانِهِ) أَيْ وِجْدَانِ الْمُجْتَهِدِ لَهُ فَهُوَ مِنْ إضَافَةِ الْمَصْدَرِ لِمَفْعُولِهِ (قَوْلُهُ: كَمَا سَيَأْتِي) أَيْ فِي الْمَتْنِ وَفِيهِ تَنْبِيهٌ عَلَى أَنَّ قَوْلَ الْمُصَنِّفِ فِيمَا يَأْتِي خِلَافًا لِلْأَكْثَرِ مُتَعَلِّقٌ بِالْمَسْأَلَتَيْنِ قَبْلَهُ (قَوْلُهُ: الْمُظَنُّ بِهِ) اُعْتُرِضَ بِأَنَّ فِعْلَهُ ثُلَاثِيٌّ فَاسْمُ الْمَفْعُولِ مِنْهُ عَلَى زِنَةِ مَفْعُولٍ وَأَجَابُوا بِأَنَّهُ جَرَى عَلَى مَذْهَبِ الْأَخْفَشِ مِنْ أَنَّ أَفْعَالَ الْقُلُوبِ كُلَّهَا تَتَعَدَّى إلَى ثَلَاثَةِ مَفَاعِيلَ بِالْهَمْزَةِ فَيُقَالُ أَظَنَنْت زَيْدًا عَمْرًا قَائِمًا وَلَكِنْ لَيْسَ هُنَا ثَلَاثَةُ مَفَاعِيلَ بَلْ اثْنَانِ وَالْإِنْصَافُ أَنَّ قَوْلَنَا الْمَظْنُونَ بِهِ أَسْلَسُ نُطْقًا مِنْ الْمُظَنِّ فَلَوْ عَبَّرَ بِهِ لَكَانَ أَسْلَمَ (قَوْلُهُ: لَا يَلْزَمُ مِنْ عَدَمِ وِجْدَانِ الدَّلِيلِ انْتِفَاؤُهُ) أَيْ انْتِفَاءُ الْحُكْمِ يَعْنِي لِأَنَّ عَدَمَ وِجْدَانِ الدَّلِيلِ لَا يَدُلُّ عَلَى انْتِفَاءِ الدَّلِيلِ وَانْتِفَاءُ الدَّلِيلِ لَا يَدُلُّ عَلَى انْتِفَاءِ الْمَدْلُولِ وَإِنْ لَزِمَ مِنْهُ انْتِفَاءُ الْعِلْمِ بِهِ أَوْ الظَّنِّ وَقَوْلُ الْأَكْثَرِ هُوَ الْجَارِي عَلَى ذِمَّةِ مَا قَدَّمَهُ الْمُصَنِّفُ فِي الْقَدْحِ بِتَخَلُّفِ الْعَكْسِ مِنْ أَنَّ اللَّازِمَ مِنْ انْتِفَاءِ الدَّلِيلِ هُوَ انْتِفَاءُ الْعِلْمِ أَوْ الظَّنِّ بِالْمَدْلُولِ لَا انْتِفَاءُ الْمَدْلُولِ اهـ. نَاصِرٌ.

(قَوْلُهُ: وَإِلَّا لَزِمَ تَكْلِيفُ الْغَافِلِ) تَكْلِيفُ الْغَافِلِ لَازِمٌ لِعَدَمِ الدَّلِيلِ لَا لِعَدَمِ اسْتِدْعَائِهِ لِجَوَازِ وُجُودِهِ وَإِنْ لَمْ يُسْتَدْعَ فَلَوْ قَالَ وَإِلَّا لَأَمْكَنَ تَكْلِيفُ الْغَافِلِ كَانَ صَوَابًا قَالَهُ النَّاصِرُ وَرَدَّهُ سم بِأَنَّ قَوْلَ الْمُصَنِّفِ يَسْتَدْعِي دَلِيلًا مَعْنَاهُ يَتَوَقَّفُ ثُبُوتُهُ عَلَى الدَّلِيلِ بِمَعْنَى أَنَّهُ لَا يَثْبُتُ إلَّا بِدَلِيلٍ فَقَوْلُهُ وَإِلَّا مَعْنَاهُ وَإِنْ لَمْ يَتَوَقَّفْ ثُبُوتُهُ عَلَى الدَّلِيلِ بِأَنْ ثَبَتَ مِنْ غَيْرِ دَلِيلٍ وَحِينَئِذٍ فَيَكُونُ اللَّازِمُ نَفْسَ تَكْلِيفِ الْغَافِلِ فِي غَايَةِ الْوُضُوحِ وَلَيْسَ مَعْنَى قَوْلِهِ يَسْتَدْعِي دَلِيلًا مُجَرَّدَ أَنَّهُ يَسْتَلْزِمُ الدَّلِيلَ حَتَّى يَكُونَ نَفْيُ الِاسْتِلْزَامِ صَادِقًا مَعَ وُجُودِ الدَّلِيلِ فَلَا يَلْزَمُ تَكْلِيفُ الْغَافِلِ كَمَا حَمَلَ عَلَيْهِ الشَّيْخُ ثُمَّ اُعْتُرِضَ (قَوْلُهُ: الْغَافِلِ) أَيْ عَنْ دَلِيلِ الْحُكْمِ وَيَلْزَمُ مِنْهُ الْغَفْلَةُ عَنْ الْحُكْمِ لِأَنَّ الْحُكْمَ لَمْ يُسْتَفَدْ إلَّا مِنْ دَلِيلِهِ فَالْمُرَادُ بِالْغَافِلِ غَيْرُ الْعَالِمِ لَا الْغَافِلُ الْمُتَقَدِّمُ (قَوْلُهُ: أَوْ الْأَصْلِ) أَيْ أَوْ لَا دَلِيلَ عَلَى حُكْمِك بِحُكْمِ الْأَصْلِ اهـ. خَالِدٌ (قَوْلُهُ: وَكَذَا يَدْخُلُ فِيهِ إلَخْ) ظَاهِرُ الْمَتْنِ أَنَّ قَوْلَهُمْ مُبْتَدَأٌ خَبَرُهُ كَذَا وَتَقْدِيرُهُ يَدْخُلُ يَقْتَضِي أَنَّهُ فَاعِلٌ وَهُوَ صَحِيحٌ أَيْضًا اهـ. نَجَّارِيٌّ.

(قَوْلُهُ: خِلَافًا لِلْأَكْثَرِ)

طور بواسطة نورين ميديا © 2015