لَا يَعْتَرِضُ الْحِكَايَةَ) أَيْ حِكَايَةَ الْمُسْتَدِلِّ لِلْأَقْوَالِ فِي الْمَسْأَلَةِ الْمَبْحُوثِ فِيهَا حَتَّى يَخْتَارَ مِنْهَا قَوْلَانِ وَيَسْتَدِلَّ عَلَيْهِ (بَلْ) يَعْتَرِضُ (الدَّلِيلَ إمَّا قَبْلَ تَمَامِهِ لِمُقَدَّمَةٍ مِنْهُ أَوْ بَعْدَهُ) أَيْ بَعْدَ تَمَامِهِ (وَالْأَوَّلُ) وَهُوَ الْمَنْعُ قَبْلَ التَّمَامِ لِمُقَدَّمَةٍ (إمَّا) مَنْعٌ (مُجَرَّدٌ أَوْ) مَنْعٌ (مَعَ الْمُسْتَنَدِ) وَالْمَنْعُ مَعَ الْمُسْتَنَدِ (وَكُلًّا نُسَلِّمُ كَذَا وَلِمَ لَا يَكُونُ) الْأَمْرُ (كَذَا أَوْ) لَا نُسَلِّمُ كَذَا (وَإِنَّمَا يَلْزَمُ كَذَا لَوْ كَانَ) الْأَمْرُ (كَذَا وَهُوَ) أَيْ الْأَوَّلُ بِقِسْمَيْهِ مِنْ الْمَنْعِ الْمُجَرَّدِ وَالْمَنْعِ مِنْ الْمُسْتَنَدِ (الْمُنَاقَضَةُ) أَيْ يُسَمَّى بِذَلِكَ (فَإِنْ احْتَجَّ) الْمَانِعُ (لِانْتِفَاءِ الْمُقَدِّمَةِ) الَّتِي مَنَعَهَا (فَغَضَبٌ) أَيْ فَاحْتِجَاجُهُ لِذَلِكَ يُسَمَّى غَضَبًا لِأَنَّهُ غَضَبٌ لِمَنْصِبِ الْمُسْتَدِلِّ (لَا يَسْمَعُهُ الْمُحَقِّقُونَ) مِنْ النُّظَّارِ فَلَا يَسْتَحِقُّ جَوَابًا وَقِيلَ يُسْمَعُ فَيَسْتَحِقُّهُ (وَالثَّانِي) وَهُوَ الْمَنْعُ بَعْدَ تَمَامِ
ـــــــــــــــــــــــــــــQالدَّلِيلِ مَعَ أَنَّهَا مَنْعٌ بِمَعْنَى مُطْلَقِ الِاعْتِرَاضِ وَإِنَّمَا يُضَادُّ فَرْدَهُ وَهُوَ الْمَنْعُ الْخَاصُّ الَّذِي هُوَ مَنْعُ الدَّلِيلِ هَذَا وَلَكِنْ قَدْ يُمْنَعُ سُقُوطُ قَوْلِ الْعِرَاقِيِّ الْمَذْكُورِ بِمَا ذَكَرَهُ لِأَنَّ مَا ذَكَرَهُ تَصْحِيحٌ لِمَنْعٍ وَالْعِرَاقِيُّ لَمْ يَمْنَعْ صِحَّتَهَا بَلْ مَنَعَ الِاحْتِيَاجَ إلَيْهَا فَلَا نُكْتَةَ فِي ذِكْرِهَا نَعَمْ قَدْ يُجَابُ بِأَنَّ نُكْتَتَهَا الْمُقَابَلَةُ لِقَوْلِهِ أَوْ مَعَ تَسْلِيمِهِ وَأَمَّا قَوْلُهُ وَالْأَلْيَقُ أَنْ يُجْعَلَ الْمُقَسَّمُ مَنْعَ الْمُدَّعِي فَفِيهِ بَحْثٌ لِأَنَّ الْمَنْعَ بَعْدَ تَقْيِيدِهِ بِكَوْنِهِ لِلْمُدَّعِي كَيْفَ يَصِحُّ تَعَلُّقُهُ بِكَوْنِهِ لِلدَّلِيلِ كَمَا هُوَ لَازِمٌ عَلَى هَذَا التَّقْدِيرِ إذْ الْمَنْعُ عَلَيْهِ بَلْ مَنْعُ الْمُدَّعِي يَعْتَرِضُ الدَّلِيلَ فَيُحْوِجُ فِي تَصْحِيحِهِ إلَى التَّكَلُّفِ (قَوْلُهُ: لَا يَعْتَرِضُ الْحِكَايَةَ) أَيْ لَيْسَ لَهُ أَنْ يَعْتَرِضَ الْأَقْوَالَ الْمَحْكِيَّةَ بَلْ يَصِيرَ حَتَّى يَخْتَارَ وَاحِدًا مِنْهَا فَيَعْتَرِضَهُ وَقَالَ سم لَا يَعْتَرِضُ الْحِكَايَةَ أَيْ لَا يَتَوَجَّهُ عَلَيْهَا (قَوْلُهُ: لِمُقَدِّمَةٍ) قَالَ الشِّهَابُ عَمِيرَةُ إنَّهُ مُتَعَلِّقٌ بِفَاعِلِ يَعْتَرِضُ وَهُوَ الْمَنْعُ أَيْ يَعْتَرِضُ الْمَنْعُ لِمُقَدِّمَةِ الدَّلِيلِ أَوْ يَعْتَرِضُ عَلَى حَذْفِ مُضَافٍ أَيْ يُعْتَرَضُ الدَّلِيلُ لِمَنْعِ مُقَدِّمَةٍ إلَخْ وَعَلَى هَذَا فَاللَّامُ تَعْلِيلِيَّةٌ أَوْ بِمَعْنَى الْبَاءِ اهـ.
وَلَا يَخْفَى أَنَّهُ عَلَى التَّوَجُّهِ الْأَوَّلِ يَلْزَمُ إعْمَالُ ضَمِيرِ الْمَصْدَرِ وَقَدْ جُوِّزَ فِي الظَّرْفِ وَالْجَارِ وَالْمَجْرُورِ لِتَوَسُّعِهِمْ فِيهَا كَقَوْلِهِ:
وَمَا الْحَرْبُ إلَّا مَا عَلِمْتُمْ وَذُقْتُمْ ... وَمَا هُوَ عَنْهَا بِالْحَدِيثِ الْمُرَجَّمِ
وَقَدْ ذَكَرُوا فِي الْآدَابِ أَنَّ الْمُرَادَ بِالْمُقَدِّمَةِ مَا يَتَوَقَّفُ عَلَيْهِ الدَّلِيلُ فَيَدْخُلُ فِيهَا مَادَّةُ الْقِيَاسِ وَمَا اُعْتُبِرَ فِيهِ مِنْ الشُّرُوطِ ظَاهِرٌ أَنَّ الْمَنْعَ الَّذِي هُوَ بِمَعْنَى الْمُنَاقَضَةِ يَخْتَصُّ بِمَعْنَى مُقَدِّمَةٍ وَاحِدَةٍ وَلَيْسَ كَذَلِكَ بَلْ مَنْعُ كُلِّ وَاحِدَةٍ مِنْ الْمُقَدِّمَاتِ عَلَى سَبِيلِ التَّعْيِينِ مُنَاقَضَةٌ أَيْضًا وَقَدْ أَشْبَعْنَا الْقَوْلَ فِي هَذَا الْمَقَامِ فِي حَوَاشِينَا عَلَى الْوَلَدِيَّةِ وَعَلَى الشَّارِحِ الْحَنَفِيِّ (قَوْلُهُ: أَوْ بَعْدَهُ) عَطْفٌ عَلَى قَبْلَ تَمَامِهِ لَا يَقْتَضِي أَنْ يَتَعَلَّقَ بِهِ مَا يَتَعَلَّقُ بِالْأَوَّلِ أَعْنِي قَوْلَهُ لِمُقَدِّمَةٍ حَتَّى يُنَافِيَ قَوْلَهُ الْآتِيَ وَالثَّانِي إمَّا مَعَ مَنْعِ الدَّلِيلِ إلَخْ اهـ. سم.
(قَوْلُهُ: وَهُوَ الْمَنْعُ)