فِي الْخَارِجِ (وِفَاقًا لِلْإِمَامِ) الرَّازِيّ فِي أَنَّهُ الْحُكْمُ بِهَا (وَخِلَافًا لِلْقَرَافِيِّ) فِي أَنَّهُ ثُبُوتُهَا (وَإِلَّا) أَيْ وَإِنْ لَمْ يَكُنْ مَدْلُولُ الْخَبَرِ الْحُكْمَ بِالنِّسْبَةِ بَلْ كَانَ ثُبُوتَهَا (لَمْ يَكُنْ شَيْءٌ مِنْ الْخَبَرِ كَذِبًا) أَيْ غَيْرَ ثَابِتِ النِّسْبَةِ فِي الْخَارِجِ، وَقَدْ اتَّفَقَ الْعُقَلَاءُ عَلَى أَنَّ مِنْ الْخَبَرِ كَذِبًا.
وَأُجِيبَ بِأَنَّ كَذِبَ الْخَبَرِ بِأَنْ لَمْ تَثْبُتْ نِسْبَتُهُ فِي الْخَارِجِ لَيْسَ مَدْلُولَهُ حَتَّى يُنَافِيَ مَا جُعِلَ مَدْلُولُهُ مِنْ ثُبُوتِ النِّسْبَةِ غَايَةُ الْأَمْرِ أَنَّ الْخَبَرَ الْكَذِبَ تَخَلَّفَ فِيهِ الْمَدْلُولُ عَنْ الدَّلِيلِ؛ لِأَنَّ دَلَالَتَهُ وَضْعِيَّةٌ لَا عَقْلِيَّةٌ، وَتَقْسِيمُ الْخَبَرِ إلَى الصِّدْقِ وَالْكَذِبِ بِاعْتِبَارِ وُجُودِ مَدْلُولِهِ مَعَهُ وَتَخَلُّفِهِ عَنْهُ نَعَمْ الْأَوَّلُ الْمُوَافِقُ لِلْإِمَامِ الرَّازِيّ
ـــــــــــــــــــــــــــــQقَوْلُهُ: فِي الْخَارِجِ) يَنْبَغِي أَنْ يُرَادَ بِهِ خَارِجُ النِّسْبَةِ الذِّهْنِيَّةِ الْمَفْهُومَةِ مِنْ الْكَلَامِ وَهُوَ مَعْنَى الْوَاقِعِ وَنَفْسُ الْأَمْرِ لَا مَا يُرَادِفُ الْأَعْيَانَ، وَإِلَّا فَالنِّسْبَةُ لَيْسَتْ خَارِجِيَّةَ الثُّبُوتِ بِهَذَا الْمَعْنَى؛ لِأَنَّهَا مِنْ الْأُمُورِ الِاعْتِبَارِيَّةِ، وَفِي شَرْحِ التَّفْتَازَانِيِّ عَلَى الْمِفْتَاحِ مَا نَصُّهُ: لَا يَخْفَى أَنَّ كُلَّ أَمْرَيْنِ إذَا نُسِبَ أَحَدُهُمَا إلَى الْآخَرِ فَمَعَ قَطْعِ النَّظَرِ عَنْ تَلَفُّظِ اللَّافِظِ وَتَعَقُّلِ الْعَاقِلِ بَيْنَهُمَا نِسْبَةٌ ثُبُوتِيَّةٌ بِأَنَّهُ هُوَ هُوَ أَوْ سَلْبِيَّةٌ بِأَنَّهُ لَيْسَ كَذَلِكَ وَهُوَ مَعْنَى الْوَاقِعِ وَالْخَارِجِ، وَإِنْ لَمْ تَكُنْ النِّسْبَةُ أَمْرًا مُتَحَقَّقًا فِي الْخَارِجِ، وَلَا الْأَمْرُ أَنَّ مِمَّا يَلْزَمُ تَحَقُّقُهُ فِي الْخَارِجِ اهـ.
أَيْ كَقَوْلِنَا: شَرِيكُ الْبَارِي مُمْتَنِعٌ مَثَلًا (قَوْلُهُ: فِي أَنَّهُ) أَيْ مَدْلُولَ الْخَبَرِ (قَوْلُهُ: الْحُكْمُ بِالنِّسْبَةِ) أَيْ النِّسْبَةِ مِنْ حَيْثُ الْحُكْمُ بِهَا (قَوْلُهُ: بَلْ لَوْ كَانَ ثُبُوتُهَا) أَيْ بَلْ كَانَ مَدْلُولُهُ الْخَبَرَ النِّسْبَةَ مِنْ حَيْثُ ثُبُوتُهَا فِي الْخَارِجِ (قَوْلُهُ: لَمْ يَكُنْ شَيْءٌ مِنْ الْخَبَرِ كَذِبًا) لِأَنَّ الْخَبَرَ لَمْ تَتَحَقَّقْ نِسْبَتُهُ فِي الْخَارِجِ (قَوْلُهُ: وَقَدْ اتَّفَقَ الْعُقَلَاءُ) دَلِيلٌ لِلِاسْتِثْنَائِيَّةِ أَيْ وَكَوْنُ لَا شَيْءَ مِنْ الْخَبَرِ كَذِبًا بَاطِلٌ كَيْفَ وَقَدْ اتَّفَقَ إلَخْ (قَوْلُهُ: بِأَنْ لَمْ يَثْبُتْ) الْبَاءُ لِلتَّصْوِيرِ (قَوْلُهُ: لَيْسَ مَدْلُولًا لَهُ) لِأَنَّ مَدْلُولَ الْخَبَرِ الصِّدْقَ وَالْكَذِبَ احْتِمَالٌ عَقْلِيٌّ، وَلَا يَلْزَمُ مِنْ عَدَمِ التَّحَقُّقِ فِي الْخَارِجِ خُرُوجُ الْخَبَرِ عَنْ كَوْنِ مَدْلُولِهِ الصِّدْقَ (قَوْلُهُ: حَتَّى يُنَافِيَ إلَخْ) تَفْرِيعٌ عَلَى الْمَنْفِيِّ (قَوْلُهُ: مَا جُعِلَ مَدْلُولُهُ) أَيْ دَائِمًا وَهُوَ الصِّدْقُ وَلَوْ عِنْدَ التَّخَلُّفِ (قَوْلُهُ: عَنْ الدَّلِيلِ) وَهُوَ الْخَبَرُ؛ لِأَنَّ دَلَالَتَهُ وَضْعِيَّةٌ وَهِيَ جَائِزَةُ التَّخَلُّفِ وَحِينَئِذٍ فَلَا يَلْزَمُ مِنْ كَوْنِ مَدْلُولِ الْخَبَرِ ثُبُوتَ النِّسْبَةِ فِي الْخَارِجِ أَنَّهُ لَا شَيْءَ مِنْ الْخَبَرِ بِكَذِبٍ، وَبِهَذَا الْجَوَابِ يَرْجِعُ الْخِلَافُ لَفْظِيًّا قَالَ التَّفْتَازَانِيُّ فِي شَرْحِ الْمِفْتَاحِ: وَلَقَدْ أَحْسَنَ مَنْ قَالَ: إنَّ مَدْلُولَ الْخَبَرِ هُوَ الصِّدْقُ، وَإِنَّمَا الْكَذِبُ احْتِمَالٌ عَقْلِيٌّ أَلَا يَرَى أَنَّهُ إذَا قِيلَ لَك: مِنْ أَيْنَ عَلِمْت أَنَّ زَيْدًا قَائِمٌ تَقُولُ سَمِعْته مِنْ فُلَانٍ (قَوْلُهُ: لَا عَقْلِيَّةٌ) أَيْ لَا يَجُوزُ تَخَلُّفُهَا (قَوْلُهُ: وَتَقْسِيمُ الْخَبَرِ) أَيْ عَلَى مَا قَالَهُ الْقَرَافِيُّ بِدَلِيلِ مَا بَعْدَهُ (قَوْلُهُ: بِاعْتِبَارِ وُجُودِ إلَخْ) فِيهِ لَفٌّ وَنَشْرٌ مُرَتَّبٌ (قَوْلُهُ: نَعَمْ الْأَوَّلُ الْمُوَافِقُ لِلْإِمَامِ إلَخْ) يُشْعِرُ بِتَرْجِيحِ الشَّارِحِ لَهُ، وَهُوَ مُعَارِضٌ بِمَا هُوَ مُقَدَّمٌ عَلَيْهِ مِنْ أَنَّا نَقْطَعُ بِأَنَّ الَّذِي نَقْصِدُهُ عِنْدَ إخْبَارِنَا بِقَوْلِنَا: زَيْدٌ قَائِمٌ هُوَ إفَادَةُ الْمُخَاطَبِ ثُبُوتُ نِسْبَةِ الْقِيَامِ لِزَيْدٍ لَا حُكْمُنَا بِذَلِكَ، وَنَقْطَعُ بِأَنَّ الَّذِي نَفْهَمُهُ مِنْ إخْبَارِنَا بِأَنَّ زَيْدًا قَائِمٌ مِثْلُ ذَلِكَ وَهُوَ الَّذِي نَصَرَهُ فِي الْمُطَوَّلِ وَرُدَّ مَا رَجَّحَهُ الْإِمَامُ بِأَنَّهُ لَوْ أُرِيدَ إيقَاعُ النِّسْبَةِ لَمَا كَانَ لِإِنْكَارِ الْحُكْمِ مَعْنَى الِامْتِنَاعِ أَنْ يُقَالَ: إنَّهُ لَمْ يُوقِعْ النِّسْبَةَ اهـ. كَمَالٌ