(لَيْسَ بِعَامٍّ) فَيُحْمَلُ عَلَى أَقَلِّ الْجَمْعِ ثَلَاثَةً أَوْ اثْنَيْنِ لِأَنَّهُ الْمُحَقَّقُ وَقِيلَ إنَّهُ عَامٌّ لِأَنَّهُ كَمَا يَصْدُقُ بِمَا ذُكِرَ يَصْدُقُ بِجَمِيعِ الْأَفْرَادِ وَبِمَا بَيْنَهُمَا فَيُحْمَلُ عَلَى جَمِيعِ الْأَفْرَادِ وَيُسْتَثْنَى مِنْهُ أَخْذًا بِالْأَحْوَطِ مَا لَمْ يَمْنَعْ مَانِعٌ كَمَا فِي رَأَيْت رِجَالًا فَعَلَى أَقَلِّ الْجَمْعِ قَطْعًا.
(وَ) الْأَصَحُّ (أَنَّ أَقَلَّ مُسَمَّى الْجَمْعِ) كَرِجَالٍ وَمُسْلِمِينَ (ثَلَاثَةٌ لَا اثْنَانِ) وَهُوَ الْقَوْلُ الْآخَرُ وَأَقْوَى أَدِلَّتِهِ {إِنْ تَتُوبَا إِلَى اللَّهِ فَقَدْ صَغَتْ قُلُوبُكُمَا} [التحريم: 4] أَيْ عَائِشَةُ وَحَفْصَةُ وَلَيْسَ لَهُمَا إلَّا قَلْبَانِ.
وَأُجِيبَ بِأَنَّ ذَلِكَ وَنَحْوَهُ
ـــــــــــــــــــــــــــــQتَرَكَهُ كَانَ أَوْلَى وَمَعَ ذَلِكَ فَفِيهِ مَا مَرَّ اهـ.
وَاَلَّذِي مَرَّ لَهُ أَنَّ فِي عُمُومِهِ نَظَرًا إذْ مِعْيَارُ الْعُمُومِ صِحَّةُ الِاسْتِثْنَاءِ لَا ذِكْرُهُ إلَخْ. (قَوْلُهُ: لَيْسَ بِعَامٍّ) وَجْهُ الْبُدَخْشِيُّ فِي شَرْحِ الْمِنْهَاجِ بِأَنَّ رَجُلًا مَثَلًا يُمْكِنُ وَصْفُهُ بِأَيِّ عَدَدٍ شِئْت فَوْقَ الِاثْنَيْنِ كَالثَّلَاثَةِ وَالْأَرْبَعَةِ وَغَيْرِهِمَا عَلَى الْبَدَلِ فَلَا يَكُونُ مُسْتَغْرَقًا إذْ الْمُحْتَمَلُ عَلَى الْبَدَلِ لِكُلٍّ مِنْ الْمَجْمُوعِ عَلَى أَنَّهُ تَمَامُ الْمُرَادِ لَا يَكُونُ مُسْتَغْرِقًا لِلْجَمِيعِ كَالنَّكِرَةِ الْمُفْرَدَةِ بِالنِّسْبَةِ إلَى كُلِّ فَرْدٍ. (قَوْلُهُ: فَيُحْمَلُ) بِالرَّفْعِ عَلَى الِاسْتِئْنَافِ وَلَيْسَ فِي جَوَابِ النَّفْيِ حَتَّى يَكُونَ مَنْصُوبًا بَعْدَ فَاءِ السَّبَبِيَّةِ فَإِنَّهُ لَا يَصِحُّ ذَلِكَ.
(قَوْلُهُ: ثَلَاثَةٍ أَوْ اثْنَيْنِ) الْأَوَّلُ قَوْلُ الشَّافِعِيِّ وَأَبِي حَنِيفَةَ وَاخْتَارَهُ الْإِمَامُ وَأَتْبَاعُهُ وَالثَّانِي هُوَ الْمَشْهُورُ عِنْدَ مَالِكٍ وَاخْتَارَهُ الْأُسْتَاذُ أَبُو إِسْحَاقَ قَالَهُ الْكَمَالُ وَفِي التَّمْهِيدِ أَنَّ الْأَوَّلَ هُوَ الصَّحِيحُ عِنْدَ جُمْهُورِ الْأُصُولِيِّينَ كَمَا هُوَ الصَّحِيحُ عِنْدَ الْفُقَهَاءِ وَالنُّحَاةِ وَالْخِلَافُ فِي اللَّفْظِ الْمُعَبَّرِ عَنْهُ بِالْجَمْعِ، نَحْوُ الزَّيْدَيْنِ وَرِجَالٍ لَا فِي لَفْظِ ج م ع فَإِنَّهُ يَنْطَلِقُ عَلَى الِاثْنَيْنِ؛ لِأَنَّ مَدْلُولَهُ ضَمُّ شَيْءٍ إلَى شَيْءٍ وَلَا فِي لَفْظِ الْجَمَاعَةِ أَيْضًا فَإِنَّ أَقَلَّهُ ثَلَاثَةٌ كَمَا جَزَمَ بِهِ الرَّافِعِيُّ فِي كِتَابِ الْوَصِيَّةِ.
(قَوْلُهُ: وَقِيلَ إنَّهُ عَامٌّ) هُوَ مَا عَلَيْهِ جَمْعٌ مِنْ الْحَنَفِيَّةِ وَارْتَضَاهُ فَخْرُ الْإِسْلَامِ الْبَزْدَوِيُّ وَذَهَبَ إلَيْهِ الْجَبَّانِيُّ مِنْ الْمُعْتَزِلَةِ وَاسْتَدَلَّ عَلَى ذَلِكَ بِأَنَّهُ حَقِيقَةٌ فِي كُلِّ أَنْوَاعِ الْعَدَدِ لِصِحَّةِ إطْلَاقِ رِجَالٍ عَلَى كُلِّ عَدَدٍ فَوْقَ اثْنَيْنِ، وَالْأَصْلُ الْحَقِيقَةُ فَيَكُونُ مُشْتَرَكًا بَيْنَ الْجَمِيعِ وَإِطْلَاقُ الْمُشْتَرَكِ بِلَا قَرِينَةٍ يُوجِبُ الْحَمْلَ عَلَى جَمِيعِ مَدْلُولَاتِهِ الْحَقِيقَةِ فَيُحْمَلُ عَلَى جَمِيعِ حَقَائِقِهِ.
وَأُجِيبَ بِأَنَّهُ لَا يَلْزَمُ مِنْ صِحَّةِ إطْلَاقِهِ عَلَى الْمَرَاتِبِ الِاشْتِرَاكُ لَفْظًا بَلْ يَجُوزُ كَوْنُهُ حَقِيقَةً فِي الْقَدْرِ الْمُشْتَرَكِ وَهُوَ مَا فَوْقَ الِاثْنَيْنِ مِنْ الْأَفْرَادِ وَلَا يَلْزَمُ كَوْنُهُ حَقِيقَةً فِي الْجَمْعِ الْمُسْتَغْرَقِ الَّذِي هُوَ أَحَدُ أَنْوَاعِهِ إذْ لَا دَلَالَةَ لِلْعَامِّ عَلَى الْخَاصِّ وَلَهُ أَنْ يَقُولَ يُحْمَلُ عَلَى الْكُلِّ لِرُجْحَانِهِ عَلَى كُلِّ مَا سِوَاهُ مِنْ الْمَرَاتِبِ لِاشْتِمَالِهِ عَلَى الْجَمِيعِ وَإِلَّا يَلْزَمُ التَّرْجِيحُ بِلَا مُرَجِّحٍ كَمَا يَلْزَمُ فِي غَيْرِهِ قَالَهُ الْبُدَخْشِيُّ فِي شَرْحِ الْمِنْهَاجِ.
(قَوْلُهُ: وَبِمَا بَيْنَهُمَا) أَيْ بَيْنَ أَوَّلِ الْجَمْعِ وَجَمِيعِ الْأَفْرَادِ.
(قَوْلُهُ: عَلَى جَمِيعِ الْأَفْرَادِ) إذْ لَوْ حُمِلَ عَلَى بَعْضِ مَرَاتِبِ الْجُمُوعِ كَانَ تَحَكُّمًا.
(قَوْلُهُ: وَيُسْتَثْنَى مِنْهُ إلَخْ) جُمْلَةٌ مُعْتَرِضَةٌ قَالَ الشَّيْخُ الْغُنَيْمِيُّ وَانْظُرْ إلَى صِحَّةِ الِاسْتِثْنَاءِ مِنْهُ هَلْ تَكُونُ أَفْرَادُهُ جُمُوعًا أَوْ آحَادًا كَمَا تَقَدَّمَ فِي الْمُعَرَّفِ حَرِّرْهُ. (قَوْلُهُ: أَخْذًا بِالْأَحْوَطِ) فِيهِ نَظَرٌ أَمَّا أَوَّلًا فَهُوَ مُعَارَضٌ بِأَنَّ الْحَمْلَ عَلَى الْمُتَيَقَّنِ أَوْلَى وَبِأَنَّ الِاحْتِيَاطَ قَدْ يَكُونُ فِي عَدَمِ الْحَمْلِ عَلَيْهَا كَمَا فِي التَّقَارِيرِ لِئَلَّا يَلْزَمَ إبَاحَةُ مَالِ الْغَيْرِ وَأَمَّا ثَانِيًا فَالْكَلَامُ فِي أَنَّ الْعُمُومَ مَفْهُومُ الْجَمْعِ الْمُنْكَرِ وَأَيْنَ الْحَمْلُ عَلَى بَعْضِ الْمُصَادَقَاتِ لِلِاحْتِيَاطِ مِنْ الْمَفْهُومِ.
(قَوْلُهُ: رَأَيْت رِجَالًا) إذْ لَا يُمْكِنُ رُؤْيَةُ الْجَمِيعِ فَالْمَانِعُ هُنَا عَقْلِيٌّ وَمِثْلُهُ اشْتَرَيْت عَبِيدًا؛ لِأَنَّ عَدَمَ الْإِمْكَانِ صَارِفُهُ عَنْ الْكُلِّ
(قَوْلُهُ: إنَّ أَقَلَّ مُسَمَّى الْجَمْعِ) أُلْحِقَ بِهِ كَمَا قَالَ الْبِرْمَاوِيُّ كُلَّمَا دَلَّ عَلَى جَمْعِيَّةِ دَلَالَةُ الْجُمُوعِ كَنَاسٍ وَجِيلٍ بِخِلَافِ نَحْوِ قَوْمٍ وَرَهْطٍ؛ لِأَنَّ دَلَالَتَهُ عَلَى الْمَجْمُوعِ لَا الْجَمِيعِ قَالَ سم لَكِنَّ كَلَامَ التَّلْوِيحِ دَالٌّ عَلَى إلْحَاقِ نَحْوِ قَوْمٍ وَرَهْطٍ.
(قَوْلُهُ: فَقَدْ صَغَتْ) أَيْ مَالَتْ لِلْوَعْظِ.
(قَوْلُهُ: أَيْ عَائِشَةُ وَحَفْصَةُ) بِالرَّفْعِ تَفْسِيرٌ لِلضَّمِيرِ فِي تَتُوبَا وَيَجُوزُ كَوْنُهُ بَيَانًا لِلْكَافِ الْمَجْرُورَةِ فِي قُلُوبُكُمَا فَيَكُونَانِ مَنْصُوبَيْنِ بِالْفَتْحَةِ نِيَابَةً عَنْ الْكِسْرَةِ