(وَ) بِطُرُقِ (مُسْتَفِيدِهَا) يَعْنِي

ـــــــــــــــــــــــــــــQلَمَّا كَانَتْ الْمُرَجِّحَاتُ فِي الْحَقِيقَةِ لَيْسَتْ طُرُقًا لِاسْتِفَادَةِ الْأَدِلَّةِ الْإِجْمَالِيَّةِ فَإِنَّ الْمُرَجِّحَاتِ إنَّمَا تَتَعَلَّقُ بِالْأَدِلَّةِ التَّفْصِيلِيَّةِ مِنْ حَيْثُ تَفْصِيلُهَا وَإِنَّمَا طُرُقُ الِاسْتِفَادَةِ الْإِجْمَالِيَّةِ هُوَ النَّقْلُ مَثَلًا عَبَّرَ بِالْعِنَايَةِ لِخَفَاءِ هَذَا الْمَعْنَى مِنْ اللَّفْظِ وَلَمَّا كَانَ طُرُقُ الشَّيْءِ مَا يُوَصِّلُ إلَيْهِ وَلَيْسَتْ الْمُجْتَهِدُ طُرُقًا لِلْمُسْتَفِيدِ عَبَّرَ بِيَعْنِي أَيْضًا لِخَفَاءِ الْمُرَادِ مِنْ اللَّفْظِ اهـ.

لَكِنَّ قَوْلَهُ إنَّ طُرُقَ الِاسْتِفَادَةِ الْإِجْمَالِيَّةِ النَّقْلُ فِيهِ نَظَرٌ اهـ.

وَلَعَلَّ وَجْهَ النَّظَرِ بِالْقِيَاسِ فَقَطْ وَأَمَّا الْكِتَابُ وَالسُّنَّةُ وَالْإِجْمَاعُ فَلَا يُرْتَابُ فِي أَنَّ طَرِيقَهَا النَّقْلُ؛ لِأَنَّهَا لَا تَصِلُ لِلْأُصُولِيِّ إلَّا بِالنَّقْلِ عَنْ الْغَيْرِ عَلَى أَنَّ الْقِيَاسَ أَيْضًا مَنْقُولٌ وَإِنْ كَانَ الْقَائِسُ هُوَ الْمُجْتَهِدُ إذْ لَيْسَ الْمُرَادُ بِالْأُصُولِيِّ هُنَا الْمُجْتَهِدَ بَلْ الْعَارِفَ بِفَنِّ الْأُصُولِ تَأَمَّلْ.

(قَوْلُهُ: وَبِطُرُقِ مُسْتَفِيدِهَا) جَعَلَ الْكَمَالُ وَمُسْتَفِيدِهَا عَطْفًا عَلَى الظَّرْفِ أَيْ وَبِمُسْتَفِيدِهَا وَزَعَمَ أَنَّ صَنِيعَ الشَّارِحِ تَكَلُّفٌ أَوْقَعَهُ فِيهِ تَرْكُ إعَادَةِ الْجَارِ وَهُوَ الْبَاءُ إذْ كَانَ الْأَوْضَحُ أَنْ يُقَالَ وَبِمُسْتَفِيدِهَا وَكَأَنَّ الْمُصَنِّفَ اسْتَثْقَلَ تَكْرَارَ الْجَارِ مَرَّةً ثَانِيَةً فَتَرَكَهُ اكْتِفَاءً بِوُضُوحِ الْمَعْنَى اهـ.

وَرَدَّهُ سم بِأَنَّهُ إنْ أَرَادَ مَا زَعَمَهُ مِنْ التَّكَلُّفِ فِي تَقْرِيرِ الشَّارِحِ التَّكَلُّفَ مِنْ جِهَةِ اللَّفْظِ فَلَا وَجْهَ لَهُ؛ لِأَنَّ غَايَةَ مَا فِيهِ الْعَطْفُ عَلَى الْمُضَافِ إلَيْهِ بِحَيْثُ يَكُونُ الْمُضَافُ مُتَعَلِّقًا بِكُلِّ الْمُتَعَاطِفَيْنِ وَهَذَا مِمَّا لَا نِزَاعَ فِي صِحَّتِهِ وَشُيُوعِهِ وَإِنْ أَرَادَ التَّكَلُّفَ مِنْ جِهَةِ الْمَعْنَى بِاعْتِبَارِ أَنَّهُ أَطْلَقَ الطُّرُقَ عَلَى صِفَاتِ الْمُجْتَهِدِ وَأَنَّهُ لَا يَظْهَرُ كَوْنُهَا طُرُقًا فَهَذَا مَمْنُوعٌ إذْ لَا مَعْنَى لِطُرُقِ الشَّيْءِ إلَّا الْأُمُورُ الْمُوَصِّلَةُ إلَيْهِ فَإِنَّ الْإِضَافَةَ فِي قَوْلِنَا طَرِيقُ كَذَا إمَّا إلَى الْمَفْعُولِ أَيْ الْمُوَصِّلِ إلَيْهِ فَالْمُرَادُ بِالطَّرِيقِ الْمُوَصِّلَ إلَيْهِ وَتَارَةً إلَى الْفَاعِلِ أَيْ الْمُوَصِّلِ فَالْمُرَادُ بِهِ يَصِلُ الْفَاعِلُ فِيهِ أَوْ بِهِ إلَى الْمَطْلُوبِ، وَالْمُرَجِّحَاتُ طَرِيقٌ لِلِاسْتِفَادَةِ بِالْمَعْنَى الْأَوَّلِ وَصِفَاتُ الْمُجْتَهِدِ طَرِيقٌ لَهُ بِالْمَعْنَى الثَّانِي؛ لِأَنَّهُ يَصِلُ بِهَا إلَى الْمَطْلُوبِ مِنْ اسْتِنْبَاطِ الْأَحْكَامِ وَلَا تَكَلُّفَ فِي هَذَا الْمَعْنَى غَايَةُ الْأَمْرِ أَنَّ فِيهِ غَرَابَةً وَدِقَّةٌ يُتَوَهَّمُ مِنْهَا التَّكَلُّفُ فِيهِ.

وَأَمَّا مَا اخْتَارَهُ مِنْ الْعَطْفِ عَلَى الْمُضَافِ فَيَرُدُّ عَلَيْهِ أَنَّ التَّقْدِيرَ وَالْعَارِف بِمُسْتَفِيدِهَا وَالْمُتَبَادَرُ مِنْهُ حِينَئِذٍ مَعْرِفَةُ ذَاتِ الْمُسْتَفِيدِ وَهُوَ الْمُجْتَهِدُ وَلَا مَعْنَى لَهُ أَوْ مَعْرِفَتُهُ مِنْ حَيْثُ اسْتِفَادَتُهُ الْأَحْكَامَ مِنْ الْأَدِلَّةِ وَهُوَ غَيْرُ مُرَادٍ وَلَا مُسْتَلْزِمٍ لِلْمُرَادِ فَإِنْ أَرَادَ مَعْرِفَتَهُ مِنْ حَيْثُ الصِّفَاتُ الَّتِي يَتَوَقَّفُ تَأَمُّلُهُ لِلِاسْتِفَادَةِ عَلَى التَّلَبُّسِ بِهَا فَهَذَا هُوَ الْمُرَادُ لَكِنَّ الْعِبَارَةَ قَاصِرَةٌ عَنْ إفَادَتِهِ فَالتَّكَلُّفُ فِي صَنِيعِهِ لَا فِي صَنِيعِ الشَّارِحِ اهـ.

وَيَرِدُ عَلَيْهِ أَمْرَانِ:

الْأَوَّلُ: أَنَّ الْأَوْلَى أَنْ يَقُولَ الطَّرِيقُ قَدْ تُضَافُ إلَى السَّالِكِ الْوَاصِلِ بِالسُّلُوكِ فِيهَا إلَى الْمَقْصُودِ وَقَدْ تُضَافُ إلَى الْغَايَةِ الْمَقْصُودِ بِالسُّلُوكِ فِيهِ الْوُصُولُ إلَيْهَا أَمَّا الْفَاعِلُ وَالْمَفْعُولُ فَفِيهِمْ أَنَّهُمَا فَاعِلُ الطَّرِيقِ أَوْ مَفْعُولُهُ كَمَا يُقَالُ إضَافَةُ الْمَصْدَرِ إلَى الْفَاعِلِ وَإِلَى الْمَفْعُولِ كَمَا لَا يَخْفَى، ثُمَّ فِيمَا ذَكَرَهُ إيهَامُ أَنَّ الطَّرِيقَ مُخْتَلِفَةٌ مَعْنًى وَلَيْسَ كَذَلِكَ.

الثَّانِي: أَنَّ إرَادَةَ الطُّرُقِ مِنْ صِفَاتِ الْمُجْتَهِدِ مَعْنًى خَفِيٌّ كَمَا اعْتَرَفَ بِهِ وَمَعَ ذَلِكَ هُوَ تَعْبِيرٌ غَيْرُ مُتَعَارَفٍ فِي التَّخَاطُبِ فَيَنْبَغِي الِاحْتِرَازُ عَنْهُ لَا سِيَّمَا فِي مَقَامِ شَرْحِ أَلْفَاظِ التَّعْرِيفِ فَلَا يَصْلُحُ جَوَابًا لِدَفْعِ

طور بواسطة نورين ميديا © 2015