بِخِلَافِ الْإِنْشَاءِ نَحْوُ «زَكُّوا عَنْ الْغَنَمِ السَّائِمَةِ» وَمَا فِي مَعْنَاهُ مِمَّا تَقَدَّمَ فَلَا خَارِجِيَّ لَهُ فَلَا فَائِدَةَ لِلْقَيْدِ فِيهِ إلَّا النَّفْيُ.
(وَ) أَنْكَرَ الْكُلَّ (الشَّيْخُ الْإِمَامُ) وَالِدُ الْمُصَنِّفِ (فِي غَيْرِ الشَّرْعِ) مِنْ كَلَامِ الْمُصَنِّفِينَ
ـــــــــــــــــــــــــــــQلِلنِّسْبَةِ الْكَلَامِيَّةِ وَأَنَّهَا لَا تَنْفَكُّ عَنْ الْخَبَرِ حَتَّى فِي الْقَضَايَا الذِّهْنِيَّةِ وَإِلَّا لَذَهَبَتْ حَقِيقَةُ الْخَبَرِ إلَّا أَنَّهَا فِي الْقَضَايَا الذِّهْنِيَّةِ الَّتِي لَا وُجُودَ لِطَرَفَيْهَا فِي الْخَارِجِ مَعْنَى وُجُودِهَا الْخَارِجِيِّ وُجُودُهَا الذِّهْنِيُّ الْأَصْلِيُّ وَتُعْتَبَرُ الْمُطَابَقَةُ بَيْنَهَا وَبَيْنَ النِّسْبَةِ الذِّهْنِيَّةِ بِاعْتِبَارِ الْوُجُودِ الْأَصْلِيِّ وَالذِّهْنِيِّ.
فَإِذَا عَلِمْت ذَلِكَ عَلِمْت اتِّجَاهَ قَوْلِ النَّاصِرِ: إنَّ فِي قَوْلِ الشَّارِحِ يَجُوزُ الْإِخْبَارُ بِبَعْضِهِ نَظَرًا مِنْ وَجْهَيْنِ؛ لِأَنَّهُ يَقْتَضِي أَنَّ الْخَارِجِيَّ هُوَ الْمُخْبَرُ بِهِ لَا النِّسْبَةُ الْخَارِجِيَّةُ وَأَنَّ خَارِجِيَّ الْخَبَرِ أَعَمُّ مِنْ نِسْبَتِهِ الذِّهْنِيَّةِ لَا مُسَاوٍ لَهَا وَالْأَمْرُ بِالْعَكْسِ فِيهِمَا وَأَنَّ مَا قَالَهُ سم فِي جَوَابِهِ لَا يَنْطَبِقُ أَكْثَرُهُ عَلَى قَوَاعِدِ الْمَعْقُولِ مِنْ قَوْلِهِ: إنَّ النِّسْبَةَ الْخَارِجِيَّةَ مُخْبَرٌ بِهَا أَيْ مُعْلَمٌ بِهَا الْمُخَاطَبُ إلَخْ وَأَنَّ النِّسْبَةَ الَّتِي تَتَبَعَّضُ هِيَ النِّسْبَةُ الشَّخْصِيَّةُ كَالَّتِي بَيْنَ زَيْدٍ، وَالْقِيَامُ بِخِلَافِ غَيْرِهَا كَالنِّسْبَةِ الَّتِي فِي قَوْلِنَا فِي الشَّامِ الْغَنَمُ السَّائِمَةُ، فَإِنَّهَا تَتَبَعَّضُ إلَخْ وَأَنَّهُ يَلْزَمُهُ مِنْ خَارِجِيَّةِ النِّيَّةِ خَارِجِيَّةُ الْمُخْبَرِ بِهِ إلَخْ أَمَّا الْأَوَّلُ فَلِأَنَّ الْمُرَادَ بِالْإِعْلَامِ بِالْخَبَرِ إلْقَاؤُهُ لِلْمُخَاطَبِ وَهُوَ لَا يَقْتَضِي أَنْ تَكُونَ النِّسْبَةُ مُخْبَرًا بِهَا وَإِنَّمَا دَخَلَتْ الْبَاءُ فِي حَيِّزِ الْإِعْلَامِ لِضَرُورَةِ التَّعْدِيَةِ وَالنِّسْبَةُ فِيهِ مُخْبَرٌ عَنْهَا فَالْمُعْلَمُ بِهِ النِّسْبَةُ الْكَلَامِيَّةُ الْمُلْقَاةُ لِلْمُخَاطَبِ وَهِيَ إخْبَارٌ عَنْ النِّسْبَةِ الْكَلَامِيَّةِ.
وَأَمَّا الثَّانِي فَلِأَنَّ النِّسْبَةَ الْخَارِجِيَّةَ الَّتِي هِيَ عِبَارَةٌ عَنْ ثُبُوتِ الْمُسْنَدِ لِلْمُسْنَدِ إلَيْهِ حَالَةٌ بَسِيطَةٌ مُطْلَقًا فِي سَائِرِ الْأَخْبَارِ، فَإِنَّ الثُّبُوتَ لَا يَقْبَلُ التَّبْعِيضَ وَالْقَوْلُ بِتَبْعِيضِ النِّسْبَةِ قَلْبٌ لِلْحَقَائِقِ وَكَأَنَّهُ اشْتَبَهَ عَلَيْهِ تَعَدُّدُ النِّسْبَةِ بِالْقُوَّةِ فِيمَا إذَا كَانَ الْمُسْنَدُ إلَيْهِ مُتَعَدِّدًا بِتَبْعِيضِهَا، فَإِنَّ قَوْلَنَا جَاءَ الرِّجَالُ مَثَلًا النِّسْبَةُ الْحَاصِلَةُ بِالْفِعْلِ فِيهِ ثُبُوتُ الْمَجِيءِ وَلِهُمْ وَلَكِنْ لَمَّا كَانَ ذَلِكَ الثُّبُوتُ حَاصِلًا لِمُتَعَدِّدٍ كَانَ فِي قُوَّةِ قَوْلِنَا جَاءَ زَيْدٌ وَعَمْرٌو إلَخْ كَمَا قَالُوا: إنْ جَاءَ عَبِيدِي فِي قُوَّةِ قَضَايَا مُتَعَدِّدَةٍ وَلَا يَخْفَى أَنَّ النِّسَبَ الْمُتَعَدِّدَةَ الَّتِي دَلَّتْ عَلَيْهَا تِلْكَ الْقَضَايَا مُتَغَايِرَةٌ بِتَغَايُرِ أَطْرَافِهَا وَلَا يُقَالُ: إنَّهَا أَبْعَاضٌ مِنْ النِّسْبَةِ الْحَاصِلَةِ بِالْفِعْلِ.
وَأَمَّا الثَّالِثُ فَإِنَّمَا يَتَحَقَّقُ فِي الْقَضَايَا الْخَارِجِيَّةِ دُونَ الذِّهْنِيَّةِ الَّتِي لَا وُجُودَ لِشَيْءٍ مِنْ طَرَفَيْهَا خَارِجًا كَشَرِيكِ الْبَارِئِ مُمْتَنِعٌ وَالْتِقَاء مُمْكِنِ الْوُجُودِ وَنَحْوِهِمَا مَعَ أَنَّ لَهَا نِسْبَةً خَارِجِيَّةً كَمَا حَقَّقْنَاهُ فَقَدْ لَزِمَ عَلَى كَلَامِهِ انْحِصَارُ الْقَضَايَا فِي الْخَارِجِيَّةِ وَهُوَ مُخَالِفٌ لِمَا أَجْمَعَ عَلَيْهِ الْمَنَاطِقَةُ وَبَعْدَ هَذَا كُلِّهِ فَقَدْ بَقِيَ فِي كَلَامِهِ أَشْيَاءُ أَعْرَضْنَا عَنْهَا وَمَنْ أَرَادَ اسْتِيفَاءَ هَذَا الْمَبْحَثِ فَعَلَيْهِ بِمُرَاجَعَةِ الرَّازِيّ عَلَى الشَّمْسِيَّةِ مَعَ مَوَادِّهِ وَاَلَّذِي يَظْهَرُ لِي فِي حِلِّ كَلَامِ الشَّارِحِ بِحَيْثُ يَنْدَفِعُ عَنْهُ اعْتِرَاضُ النَّاصِرِ الْمَذْكُورِ أَنَّ الْمُرَادَ بِقَوْلِهِ: إنَّ الْخَبَرَ لَهُ خَارِجِيٌّ إلَخْ الْخَبَرُ الْكُلِّيُّ أَيْ كُلُّ خَبَرٍ لَهُ خَارِجِيٌّ وَمِنْ إفْرَادِ ذَلِكَ الْكُلِّيِّ قَوْلُنَا فِي الشَّامِ الْغَنَمُ السَّائِمَةُ، فَإِنَّهُ جُزْئِيٌّ مِنْ جُزْئِيَّاتِ الْخَبَرِ وَقَوْلُهُ يَجُوزُ الْإِخْبَارُ بِبَعْضِهِ فِيهِ تَقْدِيرُ مُضَافٍ أَيْ مُتَعَلِّقٌ بِبَعْضِهِ وَهُوَ الْمُسْنَدُ وَلَا ارْتِيَابَ فِي أَنَّ الْمُسْنَدَ هُنَا وَهُوَ الْكَوْنُ فِي الشَّامِ الْمُخْبَرِ بِهِ عَنْ الْغَنَمِ السَّائِمَةِ بَعْضٌ مِنْ أَفْرَادِ مُطْلَقٍ مُسْنَدٍ الَّذِي هُوَ أَحَدُ طَرَفَيْ الْإِخْبَارِ الْكُلِّيِّ فَهَذَا الْخَبَرُ جُزْئِيٌّ مِنْ جُزْئِيَّاتِ مُطْلَقِ الْخَبَرِ وَمُتَعَلِّقِهِ وَهُوَ الْمُسْنَدُ، وَإِنْ كَانَ جُزْئِيًّا مِنْ جُزْئِيَّاتِ مُطْلَقِ الْمُسْنَدِ بِاعْتِبَارِ مَفْهُومِهِ فَهُوَ بَعْضٌ مِنْهَا بِاعْتِبَارِ الْأَفْرَادِ الَّتِي تَقَعُ بِهَا الْأَخْبَارُ تَأَمَّلْ وَبَعْدَ هَذَا كُلِّهِ فَقَدْ قَالَ الْكَمَالُ: إنَّ الِاقْتِصَارَ عَلَى الْإِخْبَارِ بِالْبَعْضِ لَا لِفَائِدَةٍ غَيْرُ لَائِقٍ بِكَلَامِ الْعَاقِلِ فَضْلًا عَنْ الْكِتَابِ وَالسُّنَّةِ، وَالْفَائِدَةُ فِيهِ قَدْ تَكُونُ إفْهَامَ أَنَّ الْحُكْمَ مَا عَدَا الْمَذْكُورَ بِخِلَافِهِ كَمَا فَهِمَهُ أَئِمَّةُ اللُّغَةِ فِي حَدِيثِ «مَطْلِ الْغَنِيِّ ظُلْمٌ» وَنَحْوِهِ.
وَقَدْ تَكُونُ غَيْرَ ذَلِكَ كَإِفَادَةِ أَنَّ فِي الشَّامِ الْغَنَمَ السَّائِمَةَ لِمَنْ لَا يَعْلَمُ ذَلِكَ وَيَعْلَمُ أَنَّ بِهَا الْمَعْلُوفَةَ فَلَا يَعْلَمُ نَفْيَ الْمَعْلُوفَةِ عَنْهَا لِمُخَالَفَتِهِ لِلْوَاقِعِ عِنْدَهُ فَنَفْيُ الْمَفْهُومِ فِي بَعْضِ الْأَخْبَارِ لِقَرِينَةٍ تَقْتَضِيهِ لَا يَسْتَلْزِمُ نَفْيَهُ عَنْ كُلِّ خَبَرٍ.
(قَوْلُهُ: بِخِلَافِ الْإِنْشَاءِ) ، فَإِنَّهُ لَا خَارِجَ لَهُ؛ لِأَنَّهُ لَا يَتَحَقَّقُ مَدْلُولُهُ إلَّا بِالنُّطْقِ بِهِ وَحِينَئِذٍ فَيَخُصُّ مَحَلَّ النُّطْقِ وَيَنْتَفِي عَنْ الْمَسْكُوتِ فَلِذَلِكَ قِيلَ بِالْمَفْهُومِ فِيهِ
(قَوْلُهُ: مِمَّا تَقَدَّمَ) فِي نَحْوِ الْغَنَمِ السَّائِمَةِ زَكَاةٌ، فَإِنَّهُ خَبَرٌ لَفْظًا إنْشَاءً مَعْنًى (قَوْلُهُ: فَلَا خَارِجِيَّ لَهُ) أَيْ حَتَّى يَثْبُتَ لِمَا هُوَ أَعَمُّ وَيُخْبِرُ بِبَعْضِهِ وَرُدَّ بِأَنَّ هَذَا لَا يَتِمُّ إلَّا إذَا اُلْتُفِتَ لِلنَّفْيِ فِي الْوَاقِعِ مَعَ أَنَّ الْمُلْتَفِتَ لَهُ حُكْمُ الْمُتَكَلِّمِ بِقَطْعِ النَّظَرِ عَنْ الْوَاقِعِ فَلَا فَرْقَ حِينَئِذٍ بَيْنَ الْإِنْشَاءِ وَالْخَبَرِ فِي اعْتِبَارِ الْمَفْهُومِ فِي الِاحْتِجَاجِ
(قَوْلُهُ: وَأَنْكَرَ الشَّيْخُ الْإِمَامُ) إنْ قُلْت هَذَا الْقَوْلُ بِعَيْنِهِ هُوَ الْقَوْلُ