عَلَمًا كَانَ أَوْ اسْمَ جِنْسٍ نَحْوُ عَلَى زَيْدٍ حَجٌّ أَيْ لَا عَلَى عَمْرٍو وَفِي النَّعَمِ زَكَاةٌ أَيْ لَا فِي غَيْرِهَا مِنْ الْمَاشِيَةِ إذْ لَا فَائِدَةَ لِذِكْرِهِ إلَّا نَفْيُ الْحُكْمِ عَنْ غَيْرِهِ كَالصِّفَةِ.
وَأُجِيبَ بِأَنَّ فَائِدَتَهُ اسْتِقَامَةُ الْكَلَامِ إذْ بِإِسْقَاطِهِ يَخْتَلُّ بِخِلَافِ إسْقَاطِ الصِّفَةِ وَيَقْوَى - كَمَا قَالَ الْمُصَنِّفُ - الدَّقَّاقُ الْمَشْهُورُ بِاللَّقَبِ بِمَنْ ذُكِرَ مَعَهُ خُصُوصًا الصَّيْرَفِيَّ فَإِنَّهُ أَقْدَمُ مِنْهُ وَأَجَلُّ
ـــــــــــــــــــــــــــــQهُوَ فَضْلُ الْإِخْبَارِ بِرِسَالَةِ مُحَمَّدٍ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وَوُجُودُ زَيْدٍ وَلَا طَرِيقَ لِذَلِكَ سِوَى التَّصْرِيحِ بِالِاسْمِ قُلْنَا فَحِينَئِذٍ لَا يَتَحَقَّقُ مَفْهُومُ اللَّقَبِ أَصْلًا؛ لِأَنَّ هَذِهِ الْفَائِدَةَ حَاصِلَةٌ فِي جَمِيعِ الصُّوَرِ، وَنَقْضُ الدَّلِيلِ الْمَذْكُورِ بِجَرَيَانِهِ فِي غَيْرِ مَفْهُومِ اللَّقَبِ كَمَا لَوْ عَبَّرَ فِي الْمِثَالَيْنِ بَدَلَ مُحَمَّدٍ وَزَيْدٍ بِالْهَاشِمِيِّ مَثَلًا رَسُولِ اللَّهِ وَالضَّارِبِ زَيْدًا مَوْجُودٌ لِوُرُودِ هَذِهِ الِاعْتِرَاضَاتِ قَالَ فِي الْبُرْهَانِ قَدْ سَفَّهَ عُلَمَاءُ الْأُصُولِ هَذَا الرَّجُلَ يَعْنِي الدَّقَّاقَ فِي مَصِيرِهِ إلَى أَنَّ الْأَلْقَابَ إذَا خُصِّصَتْ بِالذِّكْرِ يَتَضَمَّنُ تَخْصِيصُهَا نَفْيَ مَا عَدَاهَا وَقَالُوا هَذَا خُرُوجٌ عَنْ حُكْمِ اللِّسَانِ وَانْسِلَالٌ عَنْ تَفَاوُضِ أَرْبَابِ الْأَلْبَابِ، فَإِنَّ مَنْ قَالَ: رَأَيْت زَيْدًا لَمْ يَقْضِ ذَلِكَ أَنَّهُ لَمْ يَرَ غَيْرَهُ قَطْعًا
(قَوْلُهُ: عَلَمًا كَانَ إلَخْ) تَنْبِيهٌ عَلَى مُغَايَرَةِ اللَّقَبِ بِاصْطِلَاحِ الْأُصُولِ لِلَّقَبِ بِاصْطِلَاحِ النُّحَاةِ فَالْعِلْمُ بِأَنْوَاعِهِ الثَّلَاثَةِ لَقَبٌ أُصُولِيٌّ. وَقَوْلُهُ: أَوْ اسْمَ جِنْسٍ إفْرَادِيًّا كَانَ لِرَجُلٍ مَا، أَوْ جَمْعِيًّا كَتَمْرٍ، جَامِدًا أَوْ مُشْتَقًّا وَهُوَ احْتِرَازٌ عَنْ الْوَصْفِ الَّذِي لَمْ يُسْتَعْمَلْ اسْتِعْمَالَ الْأَسْمَاءِ أَمَّا الْمُشْتَقُّ الَّذِي غَلَبَتْ عَلَيْهِ الِاسْمِيَّةُ كَالطَّعَامِ فَلَقَبٌ أَيْضًا كَمَا يُفِيدُهُ تَمْثِيلُ الْغَزَالِيِّ فِي الْمُسْتَصْفَى اللَّقَبَ بِحَدِيثِ «لَا تَبِيعُوا الطَّعَامَ بِالطَّعَامِ» .
وَقَالَ ابْنُ الْحَاجِّ فِي تَعْلِيقِهِ عَلَيْهِ أَنَّهُ لَا فَرْقَ بَيْنَ قَوْلِنَا فِي الْغَنَمِ زَكَاةٌ وَفِي الْمَاشِيَةِ زَكَاةٌ؛ لِأَنَّ الْمَاشِيَةَ، وَإِنْ كَانَتْ مُشْتَقَّةً لَكِنْ لَمْ يُلْحَظْ فِيهَا الْمَعْنَى بَلْ غَلَبَ عَلَيْهَا الِاسْمِيَّةُ اهـ.
أَمَّا مَا لَمْ تَغْلِبْ عَلَيْهِ الِاسْمِيَّةُ فَدَاخِلٌ فِي قَوْلِ الْمُصَنِّفِ سَابِقًا لَا مُجَرَّدِ السَّائِمَةِ عَلَى الْأَظْهَرِ وَكَاسْمِ الْجِنْسِ اسْمُ الْجَمْعِ كَرَهْطٍ وَقَوْمٍ
(قَوْلُهُ: أَيْ لَا عَلَى عَمْرٍو) الْأَوْلَى لَا عَلَى غَيْرِهِ؛ لِأَنَّهُ لَا وَجْهَ لِتَخْصِيصِ عَمْرٍو بِالذِّكْرِ وَفِي بَعْضِ النُّسَخِ لَا عَلَى غَيْرِهِ (قَوْلُهُ: كَالصِّفَةِ) أَيْ فَإِنَّ وَجْهَ الِاحْتِجَاجِ بِهَا أَنَّهُ لَا فَائِدَةَ لِذِكْرِهَا إلَّا نَفْيَ الْحُكْمِ عَنْ غَيْرِهِ
(قَوْلُهُ: وَأُجِيبَ بِأَنَّ فَائِدَتَهُ إلَخْ) قَدْ يُقَالُ إذَا كَانَ لَا مُقْتَضَى لِلتَّخْصِيصِ بِالذِّكْرِ فَلَا فَائِدَةَ حِينَئِذٍ فِي ذِكْرِ هَذَا الْخَاصِّ وَيَسْتَقِيمُ الْكَلَامُ بِدُونِ ذِكْرِهِ وَالْإِتْيَانُ بِالْحُكْمِ الْعَامِّ، فَإِنْ قِيلَ: وَجْهُ التَّخْصِيصِ أَنَّهُ أُرِيدَ الْإِخْبَارُ عَنْهُ قُلْنَا: يَلْزَمُ أَنَّ عَدَمَ أَرْجَحِيَّتِهِ فِي الْخَبَرِ دُونَ الْإِنْشَاءِ
(قَوْلُهُ: الدَّقَّاقُ) فَاعِلُ يَقْوَى (قَوْلُهُ: الْمَشْهُورُ بِاللَّقَبِ) أَيْ الِاحْتِجَاجُ بِهِ وَفِيهِ تَوْرِيَةٌ، فَإِنَّ شُهْرَتَهُ بِاللَّقَبِ لَا بِاسْمِهِ (قَوْلُهُ:، فَإِنَّهُ أَقْدَمُ مِنْهُ) ؛ لِأَنَّ وَفَاةَ الدَّقَّاقِ سَنَةَ اثْنَيْنِ وَتِسْعِينَ وَثَلَاثِمِائَةٍ وَالصَّيْرَفِيِّ فِي سَنَةِ ثَلَاثِينَ وَثَلَاثِمِائَةٍ وَهُوَ مِنْ أَصْحَابِ الْوُجُوهِ عِنْدَ مَعَاشِرِ الشَّافِعِيَّةِ قَالَ الْكَمَالُ وَقَعَ لِأَصْحَابِنَا فِي الْفِقْهِ اسْتِدْلَالَاتٌ اُعْتُرِضَ عَلَيْهِمْ بِأَنَّهَا اسْتِدْلَالٌ بِمَفْهُومِ اللَّقَبِ مَعَ أَنَّهُ لَيْسَ بِحُجَّةٍ كَاسْتِدْلَالِهِمْ عَلَى تَعَيُّنِ الْمَاءِ لِإِزَالَةِ النَّجَاسَةِ «بِقَوْلِهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - لِأَسْمَاءِ فِي دَمِ الْحَيْضِ يُصِيبُ الثَّوْبَ حُتِّيهِ ثُمَّ اُقْرُصِيهِ بِالْمَاءِ» وَاسْتِدْلَالُهُمْ عَلَى تَعَيُّنِ التُّرَابِ لِلتَّيَمُّمِ بِقَوْلِهِ «وَتُرْبَتُهَا طَهُورًا» .
وَأُجِيبَ بِأَنَّ ذَلِكَ