لِأَنَّهُ مُقْتَضٍ لِلْفِعْلِ وَأَمَّا فِي النَّهْيِ الْمُقْتَضِي لِلتَّرْكِ فَبَيَّنَهُ بِقَوْلِهِ (فَالْمُكَلَّفُ بِهِ فِي النَّهْيِ الْكَفُّ) أَيْ الِانْتِهَاءُ عَنْ الْمَنْهِيِّ عَنْهُ (وِفَاقًا لِلشَّيْخِ الْإِمَامِ) أَيْ وَالِدِهِ وَذَلِكَ فِعْلٌ

ـــــــــــــــــــــــــــــQفِي اسْمِهِ، فَإِنَّ فِيهِ إشْعَارًا بِمُوَافَقَتِهِ فِي الْمَعْنَى لِلنَّهْيِ فَيُوَجَّهُ هَذَا الْقِسْمُ هُنَا بِمَا يُوَجَّهُ بِهِ النَّهْيُ.

(قَوْلُهُ: وَأَمَّا فِي النَّهْيِ) أَيْ، وَأَمَّا الْفِعْلُ فِي النَّهْيِ إلَخْ.

(قَوْلُهُ: الْمُقْتَضِي لِلتَّرْكِ، التَّرْكُ لُغَةً عَدَمُ فِعْلِ الْمُقَدَّرِ) سَوَاءٌ كَانَ هُنَاكَ قَصْدٌ مِنْ التَّارِكِ أَمْ لَا كَمَا فِي حَالِ الْغَفْلَةِ وَالنَّوْمِ وَسَوَاءٌ تَعَرَّضَ لِضِدِّهِ أَوْ لَمْ يَتَعَرَّضْ، وَأَمَّا عَدَمُ مَا لَا قُدْرَةَ عَلَيْهِ فَلَا يُسَمَّى تَرْكًا، وَلِذَلِكَ لَا يُقَالُ: تَرَكَ فُلَانٌ خَلْقَ الْأَجْسَامِ نَقَلَهُ فِي الْمَوَاقِفِ وَشَرْحِهِ وَذَكَرَ لَهُ مَعَانٍ أُخَرَ.

(قَوْلُهُ: أَيْ الِانْتِهَاءُ) لَا يُقَالُ: الِانْتِهَاءُ الِانْكِفَافُ وَهُوَ أَثَرُ الْكَفِّ لَا نَفْسُ الْكَفِّ فَلَا يَحْسُنُ تَفْسِيرُهُ بِهِ لِأَنَّا نَقُولُ: الِانْتِهَاءُ أَثَرُ النَّهْيِ لَا أَثَرُ الْكَفِّ يُقَالُ: نَهَاهُ فَانْتَهَى وَمَنْ نُهِيَ عَنْ شَيْءٍ فَكَفَّ نَفْسَهُ عَنْهُ فَقَدْ انْتَهَى بِذَلِكَ النَّهْيِ فَظَهَرَ أَنَّ الْكَفَّ هُوَ الِانْتِهَاءُ اهـ. كَمَالٌ.

(قَوْلُهُ: وِفَاقًا لِلشَّيْخِ الْإِمَامِ) حَيْثُ قَالَ: الْمَطْلُوبُ بِالنَّهْيِ الِانْتِهَاءُ وَيَلْزَمُ مِنْ الِانْتِهَاءِ فِعْلُ ضِدِّ الْمَنْهِيِّ عَنْهُ وَلَا يَنْعَكِسُ فَيُقَالُ الْمَطْلُوبُ فِعْلُ الضِّدِّ الْمَنْهِيِّ عَنْهُ وَيَلْزَمُ مِنْهُ الِانْتِهَاءُ؛ لِأَنَّ الِانْتِهَاءَ مُتَقَدِّمٌ فِي الرُّتْبَةِ فِي التَّعَقُّلِ عَلَى فِعْلِ الضِّدِّ، وَإِنْ قَارَنَهُ فِي الزَّمَنِ فَهُوَ مَعَهُ كَالسَّبَبِ مَعَ الْمُسَبَّبِ، فَلَوْ فُرِضَ أَنَّ الِانْتِهَاءَ يَحْصُلُ بِدُونِ فِعْلِ الضِّدِّ حَصَلَ الْمَطْلُوبُ وَلَمْ تَكُنْ حَاجَةٌ إلَى فِعْلِ الضِّدِّ لَكِنْ ذَلِكَ فَرْضٌ غَيْرُ مُمْكِنٍ فَالْمَقْصُودُ بِالذَّاتِ هُوَ الِانْتِهَاءُ.

وَأَمَّا فِعْلُ الضِّدِّ فَلَا يُقْصَدُ إلَّا بِالِالْتِزَامِ بَلْ لَا يُقْصَدُ أَصْلًا وَلَا يَسْتَحْضِرُهُ الْمُتَكَلِّمُ وَمَتَى قَصَدَ فِعْلَ الضِّدِّ بِالذَّاتِ وَطَلَبَ مِنْ حَيْثُ هُوَ كَانَ أَمْرًا لَا نَهْيًا عَنْ ضِدِّهِ فَقَوْلُ الْقَرَافِيِّ أَنَّ النَّهْيَ عَنْ الشَّيْءِ أَمْرٌ بِضِدِّهِ الْتِزَامًا صَحِيحٌ وَقَوْلُهُ: الْمَطْلُوبُ بِالنَّهْيِ فِعْلُ الضِّدِّ مُطَابَقَةً لَيْسَ بِصَحِيحٍ لِمَا قَدَّمْنَاهُ اهـ. مِنْ سم.

(قَوْلُهُ: وَذَلِكَ فِعْلٌ) فِيهِ أَنَّهُ مِنْ الْأَفْعَالِ الِاعْتِبَارِيَّةِ الَّتِي لَا تَحَقُّقَ لَهَا فِي الْخَارِجِ فَيَكُونُ عَدَمِيًّا فَكَيْفَ كُلِّفَ بِهِ مَعَ أَنَّهُ غَيْرُ مَقْدُورٍ، هَذَا مُحَصِّلُ مَا فِي سم وَجَوَابُ بَعْضٍ بِأَنَّ ذَلِكَ الْفِعْلَ، وَإِنْ كَانَ اعْتِبَارِيًّا فَهُوَ أَقْرَبُ إلَى الْمَوْجُودَاتِ الْخَارِجِيَّةِ مِنْ الْعَدَمِ فَهُوَ أَقْرَبُ إلَى التَّكْلِيفِ بِهِ مِنْهُ سَفْسَطَةٌ، فَإِنَّ الِاعْتِبَارِيَّاتِ لَا يُعْقَلُ فِيهَا تَفَاوُتٌ بِالْقُرْبِ وَالْبُعْدِ نَعَمْ هِيَ قِسْمَانِ اعْتِبَارِيَّاتٌ اخْتِرَاعِيَّةٌ وَاعْتِبَارِيَّاتٌ انْتِزَاعِيَّةٌ وَإِلَّا تَتَفَاوَتُ فِي نَوْعِهَا

طور بواسطة نورين ميديا © 2015