وَالصَّحِيحُ جَوَازُ إضَافَتِهِ إلَى الضَّمِيرِ " كُمْ " اسْتَعْمَلَهُ الْمُصَنِّفُ.

(وَصَحْبِهِ) هُوَ اسْمُ جَمْعٍ لِصَاحِبِهِ بِمَعْنَى الصَّحَابِيِّ وَهُوَ كَمَا سَيَأْتِي مَنْ اجْتَمَعَ مُؤْمِنًا بِسَيِّدِنَا مُحَمَّدٍ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وَعَطَفَ الصَّحْبَ عَلَى الْآلِ الشَّامِلِ لِبَعْضِهِمْ لِتَشْمَلَ الصَّلَاةُ بَاقِيَهُمْ.

(مَا) مَصْدَرِيَّةٌ ظَرْفِيَّةٌ (قَامَتْ الطُّرُوسُ) أَيْ الصُّحُفُ جَمْعُ طِرْسٍ بِكَسْرِ الطَّاءِ (وَالسُّطُورُ)

ـــــــــــــــــــــــــــــQالتَّرْدِيدِ إشَارَةً إلَى أَنَّ خُمُسَ الْخُمُسِ لَا يَخْرُجُ عَنْ الْأَمْرَيْنِ وَأَنَّ فِي كُلٍّ مِنْهُمَا كِفَايَةً.

(قَوْلُهُ: وَالصَّحِيحُ جَوَازُ إضَافَتِهِ) أَيْ خِلَافًا لِمَنْ مَنَعَهُ وَكَأَنَّهُ أَخَذَهُ مِنْ قَوْلِهِمْ لَا يُضَافُ إلَّا إلَى ذِي شَرَفٍ لِمَا أَنَّ الضَّمِيرَ فِيهِ نَوْعُ خَفَاءٍ وَالْمُفْصِحُ عَنْ الشَّرَفِ الِاسْمُ الظَّاهِرُ وَهِيَ شُبْهَةٌ ضَعِيفَةٌ إذْ الضَّمِيرُ كَمَرْجِعِهِ وَمَا فِيهِ مِنْ الْخَفَاءِ يَزُولُ بِالْقَرِينَةِ الْمُصَاحِبَةِ لَهُ الْمَشْرُوطِ اسْتِعْمَالُهُ مَعَهَا عَلَى أَنَّ الْخَفَاءَ إنْ سَلِمَ فَفِي ضَمِيرِ الْغَائِبِ أَمَّا الْخِطَابُ فَقَدْ تُدَّعَى أَوْضَحِيَّتُهُ عَنْ الْعِلْمِ لِلِاشْتِرَاكِ فِيهِ وَتَعْيِينِ ضَمِيرِ الْخِطَابِ وَلِذَلِكَ كَانَ أَعْرَفَ الْمَعَارِفِ.

(قَوْلُهُ: هُوَ اسْمُ جَمْعٍ) لَا يُشْكِلُ بِوُجُودِ الْوَاحِدِ مِنْ لَفْظِهِ؛ لِأَنَّ اسْمَ الْجَمْعِ قَدْ يَكُونُ لَهُ ذَلِكَ كَرَكْبٍ وَرَاكِبٍ وَإِنْ كَانَ الْغَالِبُ لَا. وَلَمْ يَجْعَلْهُ جَمْعًا؛ لِأَنَّ فَعْلًا لَيْسَ مِنْ صِيَغِ الْجُمُوعِ وَفِي حَاشِيَةِ دده أَفَنْدِي عَلَى شَرْحِ تَصْرِيفِ الْغَزِّيِّ أَنَّ أَسْمَاءَ الْجُمُوعِ سَمَاعِيَّةٌ وَاعْتَرَضَ بِذَلِكَ عَلَى السَّيِّدِ بِأَنَّهُ لَا وَجْهَ لِقَوْلِهِ فِي شَرْحِ الْمِفْتَاحِ: " إنَّ الْخَوَاصَّ اسْمُ جَمْعٍ لِخَاصَّةٍ " بِأَنَّهُ لَمْ يَقُلْ بِهِ أَحَدٌ مِنْ أَهْلِ اللُّغَةِ (قَوْلُهُ: لِصَاحِبِهِ) صَرَّحَ بِالْإِضَافَةِ فِي الْمُفْرَدِ تَبَعًا لِلتَّصْرِيحِ بِهَا فِي اسْمِ جَمْعِهِ إذْ الْمُرَادُ هُنَا صَاحِبٌ مَخْصُوصٌ وَهُوَ الصَّحَابِيُّ كَمَا أَشَارَ إلَى ذَلِكَ بِقَوْلِهِ بِمَعْنَى الصَّحَابِيِّ.

(قَوْلُهُ: وَهُوَ كَمَا سَيَأْتِي) أَيْ فِي كِتَابِ السُّنَّةِ وَهُوَ الْكِتَابُ الثَّانِي.

(قَوْلُهُ: بِمُحَمَّدٍ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -) تَنَازَعَهُ كُلُّ مَنْ اجْتَمَعَ بِهِ مُؤْمِنًا فَخَرَجَ مَنْ اجْتَمَعَ بِهِ كَافِرًا ثُمَّ آمَنَ وَمَنْ اجْتَمَعَ مُؤْمِنًا بِغَيْرِ نَبِيِّنَا فَلَا يُسَمَّى وَاحِدٌ مِنْهُمَا صَحَابِيًّا اصْطِلَاحًا وَلَمْ يَزِدْ فِي التَّعْرِيفِ وَمَاتَ عَلَى ذَلِكَ؛ لِأَنَّ الْمَوْتَ عَلَى الْإِيمَانِ شَرْطٌ لِدَوَامِ الصُّحْبَةِ لَا لِتَحَقُّقِهَا، وَالتَّعْرِيفُ لِمَنْ تَحَقَّقَتْ لَهُ الصُّحْبَةُ مُطْلَقًا.

(قَوْلُهُ: الشَّامِلِ لِبَعْضِهِمْ) أَيْ لِبَعْضِ الصَّحْبِ وَقَوْلُهُ لِتَشْمَلَ الصَّلَاةُ بَاقِيَهُمْ أَيْ بَاقِيَ الصَّحْبِ وَهُوَ الصَّحَابَةُ الَّذِينَ لَيْسُوا بِآلٍ كَأَبِي بَكْرٍ وَعُمَرَ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا - فَبَيْنَ الصَّحْبِ وَالْآلِ عُمُومٌ وَخُصُوصٌ وَجْهِيٌّ وَهَذَا مَبْنِيٌّ عَلَى مَا أَسْلَفَهُ فِي تَفْسِيرِ الْآلِ وَإِلَّا فَلَوْ فُسِّرَ بِالِاتِّبَاعِ دَخَلَتْ الصَّحَابَةُ بِالْأَوْلَى وَيَكُونُ ذِكْرُهُمْ تَخْصِيصًا بَعْدَ تَعْمِيمٍ اهْتِمَامًا بِشَرَفِهِمْ وَتَكُونُ النِّسْبَةُ الْعُمُومَ وَالْخُصُوصَ الْمُطْلَقَ.

(قَوْلُهُ: مَا قَامَتْ) أَيْ وُجِدَتْ (قَوْلُهُ: وَالسُّطُورُ) مِنْ عَطْفِ الْجُزْءِ عَلَى الْكُلِّ صَحِيحٌ إذْ الطِّرْسُ الصَّحِيفَةُ وَهِيَ الْكِتَابُ قَالَهُ الْجَوْهَرِيُّ وَغَيْرُهُ فَمَا قِيلَ: إنَّهُ غَلَطٌ فَاحِشٌ؛ لِأَنَّ الطِّرْسَ الْوَرَقُ وَالسُّطُورَ حَالَّةٌ فِيهِ وَالْحَالُّ لَيْسَ جُزْءَ الْمَحَلِّ غَلَطٌ فَاحِشٌ. نَعَمْ يَحْتَمِلُ أَنْ يُرَادَ بِالطُّرُوسِ الْوَرَقُ بِلَا سُطُورٍ مَجَازًا مِنْ بَابِ إطْلَاقِ الْكُلِّ عَلَى جُزْئِهِ فَلَا يَكُونُ ذَلِكَ مِنْ عَطْفِ الْجُزْءِ عَلَى الْكُلِّ. قَالَهُ شَيْخُ الْإِسْلَامِ.

أَقُولُ: أَمَّا أَنَّ السُّطُورَ جُزْءٌ مِنْ مَفْهُومِ الصُّحُفِ فَمُسَلَّمٌ وَلَكِنْ لَيْسَتْ جُزْءًا خَارِجِيًّا كَمَا هُوَ مَطْمَحُ نَظَرِ الْمُعْتَرِضِ فَلْيُنْظَرْ وَقَالَ الْكَمَالُ حَمَلَ الشَّارِحُ الصُّحُفَ عَلَى الْمَعْنَى الْحَقِيقِيِّ وَأَنَّ الْعَطْفَ عَلَيْهَا مِنْ قَبِيلِ عَطْفِ الْجُزْءِ عَلَى الْكُلِّ وَتَوْجِيهُهُ ذَلِكَ تَكَلُّفٌ قَالَ وَعُيُونُ الْأَلْفَاظِ خِيَارُهَا وَفِي تَرْكِيبِ الْمَتْنِ اسْتِعَارَةٌ

طور بواسطة نورين ميديا © 2015