(وَعَلَى آلِهِ) هُمْ كَمَا قَالَ الشَّافِعِيُّ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - أَقَارِبُهُ الْمُؤْمِنُونَ مِنْ بَنِي هَاشِمٍ وَالْمُطَّلِبِ ابْنَيْ عَبْدِ مَنَافٍ؛ «لِأَنَّهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قَسَّمَ سَهْمَ ذَوِي الْقُرْبَى وَهُوَ خُمُسُ الْخُمُسِ بَيْنَهُمْ تَارِكًا غَيْرَهُمْ مِنْ بَنِي عَمَّيْهِمْ
ـــــــــــــــــــــــــــــQالتَّعْبِيرَ فِي الْآيَةِ عَنْ دِينِ الْإِسْلَامِ اسْتِعَارَةٌ.
وَفِي كَلَامِ الْمُصَنِّفِ مَجَازٌ مُرْسَلٌ وَلِجَوَازِ بَقَاءِ الرَّشَادِ فِي كَلَامِهِ عَلَى حَقِيقَتِهِ دُونَ بَقَاءِ الصِّرَاطِ الْمُسْتَقِيمِ فِي الْآيَةِ؛ لِأَنَّ دَعْوَى الشَّارِحِ الْأَخْذَ مَبْنِيٌّ عَلَى تَفْسِيرِهِ بِدِينِ الْإِسْلَامِ فَانْدَفَعَ مَا يُقَالُ إنْ أَرَادَ أَنَّ مَا فِي الْآيَةِ يَدُلُّ عَلَى أَنَّ الْمُهْدَى إلَيْهِ هُنَا ذَلِكَ الصِّرَاطُ الْمُسْتَقِيمُ الَّذِي هُوَ دِينُ الْإِسْلَامِ فَهُوَ مَمْنُوعٌ وَالْفَرْقُ ظَاهِرٌ؛ لِأَنَّهُ عَبَّرَ عَنْ الْمُهْدَى إلَيْهِ بِالصِّرَاطِ الْمُسْتَقِيمِ وَلَا يُنَاسِبُ حَمْلَهُ إلَّا عَلَى دِينِ الْإِسْلَامِ الَّذِي هُوَ طَرِيقٌ مُوصِلٌ إلَى الرَّشَادِ لَا عَلَى نَفْسِ الرَّشَادِ إذْ لَيْسَ طَرِيقًا بَلْ هُوَ ثَمَرَةٌ لِلطَّرِيقِ بِخِلَافِ مَا هُنَا فَإِنَّهُ عَبَّرَ فِيهِ بِالرَّشَادِ الَّذِي يَتَعَيَّنُ حَمْلُهُ عَلَى الطَّرِيقِ الَّذِي هُوَ دِينُ الْإِسْلَامِ بَلْ يَصِحُّ حَمْلُهُ عَلَى ظَاهِرِهِ كَمَا تَقَرَّرَ وَإِنْ أَرَادَ تَصْحِيحَ إرَادَةِ ذَلِكَ هُنَا بِدَلِيلِ مَا فِي الْآيَةِ فَهُوَ مُسَلَّمٌ لَكِنْ لَا يَخْفَى مَا فِي التَّعْبِيرِ بِالْأَخْذِ مِنْ الْخَفَاءِ اهـ.
قَالَ أَبُو الْحَسَنِ السِّنْدِيُّ وَالْأَقْرَبُ أَنْ يُقَالَ إنَّ هَذَا أَيْ كَلَامَ الْمُصَنِّفِ بِالْمَعْنَى الَّذِي ذَكَرْنَاهُ مَأْخُوذٌ مِنْ الْآيَةِ وَالْمَقْصُودُ تَرْجِيحُ مَا ذُكِرَ فِي شَرْحِهِ بِأَنَّهُ مُوَافِقٌ لِمَا فِي الْقُرْآنِ أَوْ الْمُرَادُ أَنَّ الشَّرْحَ الَّذِي ذَكَرْنَا مَأْخُوذٌ مِنْ الْقُرْآنِ مُوَافِقٌ لَهُ فَهُوَ أَوْلَى بِشَرْحِ عِبَارَةِ الْمُصَنِّفِ.
(قَوْلُهُ: وَعَلَى آلِهِ) كَرَّرَ الْجَارَّ رِعَايَةً لِلْأَدَبِ؛ لِأَنَّ تَكْرِيرَ الْمُتَعَلِّقِ يَسْتَلْزِمُ تَكْرِيرَ الْمُتَعَلَّقِ فَيَدُلُّ عَلَى أَنَّ الصَّلَاةَ عَلَى الْآلِ نَوْعٌ آخَرُ وَلَا يَخْفَى أَنَّ إفْرَادَهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - بِصَلَاةٍ تَخُصُّهُ أَبْلَغُ فِي الْأَدَبِ مِنْ التَّشْرِيكِ بَيْنَهُ وَبَيْنَ آلِهِ فِي صَلَاةٍ وَاحِدَةٍ كَذَا قِيلَ وَلَا يُتَوَهَّمُ مِنْ أَنَّ الْعَامِلَ فِي الْمَعْطُوفِ مُغَيِّرٌ فِي الْمَعْطُوفِ عَلَيْهِ بَلْ الْمُتَعَلِّقُ هُنَا لِحَرْفَيْ الْجَرِّ وَاحِدٌ إلَّا أَنْ يُلَاحَظَ فِيهِ التَّعَدُّدُ الِاعْتِبَارِيُّ فَتَمَّ مَا قَالَهُ (قَوْلُهُ: هُمْ كَمَا قَالَ) الضَّمِيرُ مُبْتَدَأٌ خَبَرُهُ أَقَارِبُهُ وَكَمَا قَالَ إلَخْ جُمْلَةٌ مُعْتَرِضَةٌ وَفِي الْمُؤْمِنُونَ وَبَنِي هَاشِمٍ تَغْلِيبُ الذُّكُورِ عَلَى الْإِنَاثِ وَالْمُرَادُ مَا يَشْمَلُ الْمُؤْمِنَاتِ مِنْ بَنَاتِ هَاشِمٍ وَالْمُطَّلِبِ فَإِنَّهُنَّ مِنْ الْآلِ وَإِنْ كَانَ أَوْلَادُهُنَّ خَارِجِينَ لِعَدَمِ اسْتِحْقَاقِهِمْ فِي خُمُسِ الْخُمُسِ وَلِجَوَازِ الصَّدَقَةِ عَلَيْهِمْ (فَإِنْ قُلْتَ) مَا مَوْقِعُ هَذِهِ الْكَافِ (قُلْت) يَحْتَمِلُ أَنَّهَا لِتَشْبِيهِ الْقَوْلَيْنِ أَيْ أَقُولُ كَمَا قَالَ إلَخْ وَلَيْسَ بِالْجَيِّدِ فَالْأَحْسَنُ أَنْ يُقَالَ إنَّ الْكَافَ هَاهُنَا لِتَحْقِيقِ مَعْنَى الْوُجُودِ وَهُوَ مَعْنًى غَرِيبٌ ذَكَرَهُ صَاحِبُ اللُّبَابِ وَعَلَاءُ الدِّينِ الْبِسْطَامِيُّ فِي قَوْله تَعَالَى {رَبِّي ارْحَمْهُمَا كَمَا رَبَّيَانِي صَغِيرًا} [الإسراء: 24] إذْ الْمَعْنَى أَوْجِدْ رَحْمَتَهُمَا إيجَادًا مُحَقَّقًا كَمَا أَوْجَدَا التَّرْبِيَةَ إيجَادًا مُحَقَّقًا.
(قَوْلُهُ:؛ لِأَنَّهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - إلَخْ) حَاصِلُ مَا ذَكَرَهُ أَحَادِيثُ ثَلَاثَةٌ دَلَّ أَوَّلُهَا عَلَى أَنَّ خُمُسَ الْخُمُسِ لِأَقَارِبِهِ الْمُؤْمِنِينَ مِنْ بَنِي هَاشِمٍ وَالْمُطَّلِبِ وَثَانِيهَا عَلَى أَنَّ الصَّدَقَاتِ لَا تَحِلُّ إلَّا لَهُ وَثَالِثُهَا عَلَى أَنَّ مَا لَا تَحِلُّ لَهُ الصَّدَقَاتُ مَنْ قُسِّمَ بَيْنَهُمْ خُمُسُ الْخُمُسِ فَدَلَّ مَجْمُوعُهُمَا عَلَى أَنَّ آلَهُ هُمْ أَقَارِبُهُ الْمُؤْمِنُونَ مِنْ بَنِي هَاشِمٍ وَالْمُطَّلِبِ وَوَجْهُ الِاسْتِدْلَالِ مِنْ هَذِهِ الْأَحَادِيثِ أَنْ يُقَالَ آلَهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - مَنْ تَحْرُمُ عَلَيْهِ الصَّدَقَةُ الْفَرْضُ بِالنَّصِّ وَكُلُّ مَنْ حَرُمَتْ عَلَيْهِ الصَّدَقَةُ الْمَذْكُورَةُ هُمْ أَقَارِبُهُ الْمُؤْمِنُونَ مِنْ بَنِي هَاشِمٍ وَالْمُطَّلِبِ يَنْتِجُ آلُهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - بَنُو هَاشِمٍ وَالْمُطَّلِبُ وَهُوَ الْمُدَّعَى دَلِيلُ الصُّغْرَى الْحَدِيثُ الثَّانِي نَصًّا وَالثَّالِثُ بِنَاءً عَلَى أَنَّ أَصْلَ آلِ أَهْلُ وَدَلِيلُ الْكُبْرَى مَجْمُوعٌ لِلْأَوَّلِ وَالثَّالِثِ لَا الْأَوَّلِ فَقَطْ؛ لِأَنَّهُ لَمْ يُعْلَمْ مِنْهُ حُرْمَةُ الصَّدَقَةِ وَلَا الثَّالِثِ فَقَطْ؛ لِأَنَّهُ لَمْ يُعْلَمْ مِنْهُ مِنْ أَهْلِ بَيْتِهِ الْمَوْصُوفُونَ بِاسْتِحْقَاقِ خُمُسِ الْخُمُسِ.
(لَا يُقَالُ) مُفَادُ الثَّالِثِ أَخَصُّ مِنْ مُفَادِ الثَّانِي فَهَلَّا أَغْنَى عَنْهُ (؛ لِأَنَّا نَقُولُ) مَوْضُوعُ النَّتِيجَةِ الْمُدَّعَاةِ لَفْظُ الْآلِ وَلَمْ يُصَرِّحْ بِهِ سِوَى الثَّانِي مَعَ إفَادَتِهِ عِلَّةَ حُرْمَةِ الصَّدَقَةِ عَلَيْهِمْ وَهِيَ كَوْنُهَا أَوْسَاخَ النَّاسِ وَلَا يُنَافِي ذَلِكَ تَعْلِيلَهَا فِي الْحَدِيثِ الثَّالِثِ بِأَنَّ لَهُمْ فِي خُمُسِ الْخُمُسِ مَا يَكْفِيهِمْ أَوْ يُغْنِيهِمْ لِصِحَّةِ أَنْ يَكُونَ لِلشَّيْءِ عِلَّتَانِ ثُمَّ أَنْ يَرِدَ عَلَى الدَّلِيلِ النَّقْضُ التَّفْصِيلِيُّ بِمَنْعِ الصُّغْرَى بِسَنَدِ أَنَّ مَنْ تَحْرُمُ عَلَيْهِمْ الصَّدَقَةُ أَعَمُّ مِنْ الْآلِ لِحُرْمَتِهَا عَلَى مَوَالِيهِمْ وَبِمَنْعِ الْكُبْرَى بِسَنَدِ أَنَّ مَنْ تَحْرُمُ عَلَيْهِمْ الصَّدَقَةُ أَمْ مِنْ الْآلِ بِالتَّفْسِيرِ الْمَذْكُورِ كَمَا ذَهَبَ إلَيْهِ الْإِمَامُ مَالِكٌ مُخَصِّصًا الْآلُ بِبَنِي هَاشِمٍ عَلَى أَحَدِ قَوْلَيْهِ وَيُجَابُ عَنْ النَّقْضِ الْأَوَّلِ بِأَنَّهُ إنَّمَا يَتِمُّ أَنْ لَوْ ثَبَتَ حُرْمَةُ الصَّدَقَةِ عَلَى الْمَوَالِي بِالنَّصِّ وَعَلَى تَقْدِيرِ تَسْلِيمِهِ يُقَالُ إنَّ لَفْظَ الْآلِ يَتَنَاوَلُهُمْ حُكْمًا لِخَبَرِ «مَوْلَى الْقَوْمِ مِنْهُمْ» .
وَعَنْ الثَّانِي بِأَنَّ هَذَا