إلَى بَعْضِ أَصْحَابِ مَالِكٍ) وَهُوَ أَشْهَبُ لَعَلَّ التَّصَدُّقَ بِهِ يَكُونُ كَفَّارَةً لِمَا اقْتَرَفَهُ مِنْ إثْمِ الْغَصْبِ، وَيُؤْخَذُ مِنْ قَوْلِهِ: (وَفِي بَابِ الْأَقْضِيَةِ شَيْءٌ مِنْ هَذَا الْمَعْنَى) أَيْ مِنْ مَسَائِلِ الْغَصْبِ أَنَّهُ أَلَّفَ الْكِتَابَ فِي ذِهْنِهِ، وَتَأَمَّلَهُ ثُمَّ وَضَعَهُ وَهُنَا تَمَّ الْكَلَامُ عَلَى ثَلَاثَةِ أَرْبَاعِ الرِّسَالَةِ ثُمَّ شَرَعَ يَتَكَلَّمُ عَلَى الرُّبْعِ الرَّابِعِ فَقَالَ:
ـــــــــــــــــــــــــــــQمِنْ أَكْلِهِ
[قَوْلُهُ: يَكُونُ كَفَّارَةً] لِمَا وَرَدَ فِي الْحَدِيثِ مِنْ قَوْلِهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: «الصَّدَقَةُ تُطْفِئُ الْخَطِيئَةَ كَمَا يُطْفِئُ الْمَاءُ النَّارَ» .
فَإِنْ قِيلَ: نَدْبُ الصَّدَقَةِ مَطْلُوبٌ مِنْ كُلِّ أَحَدٍ لِأَنَّهَا خَيْرٌ فَلَا مَفْهُومَ لِلرِّبْحِ. وَالْجَوَابُ أَنَّ الْمُرَادَ بِتَأَكُّدِ النَّدْبِ فِي حَقِّ هَذَا دُونَ غَيْرِهِ مِمَّا لَا يَغْصِبُ.
تَنْبِيهٌ: قَالَ ابْنُ نَاجِي: دَلَّ كَلَامُ الشَّيْخِ عَلَى قَوْلَيْنِ:
أَحَدُهُمَا: أَنَّهُ إذَا رَدَّ رَأْسَ الْمَالِ فَإِنَّهُ يَطِيبُ لَهُ الرِّبْحُ وَلَا يُسْتَحَبُّ لَهُ الصَّدَقَةُ بِهِ وَإِلَيْهِ أَشَارَ بِقَوْلِهِ: وَلَا يَطِيبُ إلَخْ.
وَالثَّانِي: أَنَّهُ يُسْتَحَبُّ لَهُ الصَّدَقَةُ بِهِ وَإِلَيْهِ أَشَارَ بِقَوْلِهِ: وَلَوْ تَصَدَّقَ إلَخْ. قَالَ: وَعَرَضْت هَذَا عَلَى شَيْخِنَا أَبِي مَهْدِيٍّ فَاسْتَحْسَنَهُ اهـ.
قُلْت: وَجَعَلَ تت الْمَشْهُورَ الْأَوَّلَ وَهُوَ أَنَّهُ إذَا رَدَّ رَأْسَ الْمَالِ لِرَبِّهِ طَابَ لَهُ الرِّبْحُ وَلَا يُسْتَحَبُّ لَهُ التَّصَدُّقُ بِهِ وَهُوَ الْمَشْهُورُ اهـ.
[قَوْلُهُ: وَتَأَمَّلْهُ] التَّأَمُّلُ قَبْلَ التَّأْلِيفِ فَالْمُنَاسِبُ تَقْدِيمُ قَوْلِهِ وَتَأَمَّلْهُ عَلَى قَوْلِهِ أَلَّفَهُ إلَّا أَنَّ الْوَاوَ لَا تَقْتَضِي تَرْتِيبًا.