وَإِنَّمَا قَالَ (وَهُوَ آخِرُهَا) وَإِنْ كَانَ مِنْ الْمَعْلُومِ أَنَّهُ آخِرُهَا لِيُرَتِّبَ عَلَيْهِ قَوْلَهُ: (فَمَنْ كَانَ فِي صَلَاةٍ) نَافِلَةٍ أَوْ فَرِيضَةٍ وَقَرَأَهَا (يَسْجُدْهَا) وَإِنْ كُرِهَ تَعَمُّدُهَا فِي الْفَرِيضَةِ (فَإِذَا سَجَدَهَا قَامَ فَقَرَأَ) عَلَى جِهَةِ الِاسْتِحْبَابِ (مِنْ) سُورَةِ (الْأَنْفَالِ أَوْ مِنْ غَيْرِهَا مَا تَيَسَّرَ عَلَيْهِ) مِمَّا يَلِيهَا عَلَى نَظْمِ الْمُصْحَفِ (ثُمَّ رَكَعَ وَسَجَدَ) وَإِنَّمَا أُمِرَ بِالْقِرَاءَةِ؛ لِأَنَّ الرُّكُوعَ لَا يَكُونُ إلَّا عَقِبَ الْقِرَاءَةِ.
(وَ) ثَانِيهَا (فِي) سُورَةِ (الرَّعْدِ عِنْدَ قَوْلِهِ) تَعَالَى {وَظِلالُهُمْ بِالْغُدُوِّ وَالآصَالِ} [الرعد: 15] .
وَثَالِثُهَا (فِي) سُورَةِ (النَّحْلِ) عِنْدَ قَوْله تَعَالَى {يَخَافُونَ رَبَّهُمْ مِنْ فَوْقِهِمْ وَيَفْعَلُونَ مَا يُؤْمَرُونَ} [النحل: 50] .
وَرَابِعُهَا (فِي) سُورَةِ (بَنِي إسْرَائِيلَ) عِنْدَ قَوْله تَعَالَى {وَيَخِرُّونَ لِلأَذْقَانِ يَبْكُونَ وَيَزِيدُهُمْ خُشُوعًا} [الإسراء: 109] .
وَخَامِسُهَا (فِي) سُورَةِ (مَرْيَمَ) عِنْدَ قَوْله تَعَالَى {إِذَا تُتْلَى عَلَيْهِمْ آيَاتُ الرَّحْمَنِ خَرُّوا سُجَّدًا وَبُكِيًّا} [مريم: 58] .
وَسَادِسُهَا (فِي) سُورَةِ (الْحَجِّ) وَهُوَ الْمَذْكُورُ (أَوَّلُهَا) عِنْدَ قَوْله تَعَالَى {وَمَنْ يُهِنِ اللَّهُ فَمَا لَهُ مِنْ مُكْرِمٍ إِنَّ اللَّهَ يَفْعَلُ مَا يَشَاءُ} [الحج: 18] وَنَبَّهَ بِقَوْلِهِ أَوَّلُهَا إلَى قَوْلِ الشَّافِعِيِّ إنَّ فِيهَا سَجْدَتَيْنِ أَوَّلَهَا وَآخِرَهَا.
(وَ) سَابِعُهَا (فِي) سُورَةِ (الْفُرْقَانِ) عِنْدَ قَوْله تَعَالَى {أَنَسْجُدُ لِمَا تَأْمُرُنَا وَزَادَهُمْ نُفُورًا} [الفرقان: 60] .
وَثَامِنُهَا (فِي) سُورَةِ (الْهُدْهُدِ) عِنْدَ قَوْله تَعَالَى {اللَّهُ لا إِلَهَ إِلا هُوَ رَبُّ الْعَرْشِ الْعَظِيمِ} [النمل: 26] .
وَتَاسِعُهَا (فِي) سُورَةِ {الم - تَنْزِيلُ} [السجدة: 1 - 2] عِنْدَ قَوْله تَعَالَى {وَسَبَّحُوا بِحَمْدِ رَبِّهِمْ وَهُمْ لا يَسْتَكْبِرُونَ} [السجدة: 15] .
وَعَاشِرُهَا (فِي) سُورَةِ (ص) عِنْدَ قَوْله تَعَالَى {فَاسْتَغْفَرَ رَبَّهُ وَخَرَّ رَاكِعًا وَأَنَابَ} [ص: 24] وَقِيلَ) السُّجُودُ فِيهَا (عِنْدَ قَوْلِهِ) تَعَالَى {لَزُلْفَى وَحُسْنَ مَآبٍ} [ص: 25] وَالْأَوَّلُ هُوَ الْمَشْهُورُ؛ لِأَنَّ قَوْله تَعَالَى {فَغَفَرْنَا لَهُ ذَلِكَ} [ص: 25] كَالْجَزَاءِ عَلَى السُّجُودِ فَكَانَ بَعْدَ السُّجُودِ فَقُدِّمَ السُّجُودُ عَلَيْهِ.
(وَ) حَادِيَةَ عَشْرَتَهَا (فِي) سُورَةِ {حم - تَنْزِيلُ} [غافر: 1 - 2] عِنْدَ قَوْلِهِ) تَعَالَى {وَاسْجُدُوا لِلَّهِ الَّذِي خَلَقَهُنَّ إِنْ كُنْتُمْ إِيَّاهُ تَعْبُدُونَ} [فصلت: 37] هَذَا هُوَ الْمَشْهُورُ؛ لِأَنَّهُ مَوْضِعُ الْأَمْرِ، وَقِيلَ السُّجُودُ فِيهَا عِنْدَ قَوْله تَعَالَى {وَهُمْ لا يَسْأَمُونَ} [فصلت: 38] لِأَنَّهُ تَمَامُ الْأَوَّلِ وَلِمُخَالِفَتِهِ لِلْكَافِرِ الْمُتَكَبِّرِ بِالسَّآمَةِ.
(وَلَا يَسْجُدُ السَّجْدَةَ فِي التِّلَاوَةِ إلَّا عَلَى وُضُوءٍ) ؛ لِأَنَّهُ يُشْتَرَطُ لَهَا مَا يُشْتَرَطُ لِسَائِرِ الصَّلَوَاتِ مِنْ الطَّهَارَتَيْنِ وَاسْتِقْبَالِ الْقِبْلَةِ (وَيُكَبِّرُ
ـــــــــــــــــــــــــــــQأَيْ الْمُصَلِّي وَالْمُرَادُ قَرَأَ آيَةَ سَجْدَتِهَا وَقَوْلُهُ يَسْجُدُهَا، أَيْ السَّجْدَةَ الْمَفْهُومَةَ مِنْ الْمَقَامِ وَقَوْلُهُ إنْ كَرِهَ تَعَمُّدَهَا، أَيْ قِرَاءَةَ آيَةِ السَّجْدَةِ الْمَأْخُوذَةِ مِنْ قَوْلِهِ وَقَرَأَهَا.
[قَوْلُهُ: يَسْجُدُهَا] أَيْ وَإِنْ كَانَ فِي وَقْتِ حُرْمَةٍ؛ لِأَنَّهَا تَبَعٌ لِلصَّلَاةِ [قَوْلُهُ: عَلَى نَظْمِ الْمُصْحَفِ] تَفْسِيرٌ لِقَوْلِهِ مِمَّا يَلِيهَا وَلَيْسَ الْمُرَادُ بِاَلَّذِي يَلِيهَا مَا كَانَ بِلَصْقِهَا وَإِلَّا نَافَى قَوْلُهُ أَوْ مِنْ غَيْرِهَا [قَوْلُهُ: لِأَنَّ الرُّكُوعَ لَا يَكُونُ إلَّا عَقِبَ الْقِرَاءَةِ] أَيْ الْمُعْتَدُّ بِهِ كَمَالًا فَإِنْ قُلْت: إذَا كَانَ كَذَلِكَ فَلَا يَخْتَصُّ هَذَا بِمَنْ قَرَأَ سُورَةَ الْأَعْرَافِ، فَالْجَوَابُ أَنَّ سَجْدَةَ الْأَعْرَافِ يُتَوَهَّمُ فِيهَا عَدَمُ قِرَاءَةِ الْأَنْفَالِ أَوْ غَيْرِهَا لِمَا يَلْزَمُ عَلَيْهِ مِنْ تَعَدُّدِ السُّورَةِ فِي رَكْعَةٍ، وَمَفْهُومُ قَوْلِ الْمُصَنِّفِ فِي صَلَاةٍ أَنَّهُ لَوْ كَانَ فِي غَيْرِ صَلَاةٍ لَا يُسْتَحَبُّ لَهُ عَقِبَ السُّجُودِ أَنْ يَقْرَأَ مِنْ غَيْرِهَا، أَيْ إلَّا بِقَصْدِ التِّلَاوَةِ.
[قَوْلُهُ: لِأَنَّهُ تَمَامُ الْأَوَّلِ] أَيْ مُرْتَبِطٌ بِالْأَوَّلِ مَعْنَى.
[قَوْلُهُ: الْمُتَكَبِّرُ بِالسَّآمَةِ] أَيْ الْمُتَكَبِّرُ عَنْ السُّجُودِ مَعَ مِلَلِهِ وَضَجَرِهِ مِنْهُ، أَيْ أَنَّ الَّذِي مَنَعَهُ مِنْ السُّجُودِ أَمْرَانِ تَكَبُّرُهُ وَسَآمَتُهُ فَتَدَبَّرْ.
[قَوْلُهُ: إلَّا عَلَى وُضُوءٍ] أَيْ أَوْ بَدَلِهِ [قَوْلُهُ: الطَّهَارَتَيْنِ] أَيْ الْحَدَثِ وَالْخُبْثِ [قَوْلُهُ: وَاسْتِقْبَالِ الْقِبْلَةِ] كَانَ الْأَوْلَى أَنْ يَزِيدَ وَسَتْرِ الْعَوْرَةِ؛ لِأَنَّهَا مِنْ جُمْلَةِ الصَّلَاةِ فَيُشْتَرَطُ فِيهَا مَا يُشْتَرَطُ فِي الصَّلَاةِ فَلَوْ سَجَدَ بِدُونِ وُضُوءٍ أَوْ بَدَلِهِ لَبَطَلَتْ وَلَوْ مَعَ الْعَجْزِ وَالنِّسْيَانِ.
تَنْبِيهٌ: لَوْ قَرَأَ آيَةَ السَّجْدَةِ فِي وَقْتِ نَهْيٍ أَوْ عَلَى غَيْرِ وُضُوءٍ فَهَلْ يَحْذِفُ مَوْضِعَ السُّجُودِ خَاصَّةً كَيَشَاءُ فِي الْحَجِّ وَكَالْعَظِيمِ فِي النَّمْلِ أَوْ يَحْذِفُ الْآيَةَ جُمْلَةً؟ تَأْوِيلَانِ أَشَارَ لَهُمَا سَيِّدِي خَلِيلٌ